أخبارمقالات

د.خالد شريف يكتب لـICTBusiness : تطوير البنية التحتية ضرورة لاستمرار الحياة

تصاعد الحديث في السنوات القليلة الماضية حول ما سمي بالتحول الرقمي حتى بات كلمة السر في جذب انتباه متخذي القرار على كافة الأصعده، حكومية أو خاصة. و لا يخفى على أحد قيام الغالبية العظمى من المسئولين بالبدأ في تنفيذ مشروعات جريئة في أحيان و حالمه في أحيان أخرى، لتحقيق التحول الرقمي في مؤسساتهم والذي أتى بوعود كثيره دارت حول رفع الكفاءه و ضغط النفقات و من ثم زيادة الأرباح الى أخره.

ثم جاء ما يمكن أن نسميه بتسونامي الكوفيد 19 والذي اجتاح العالم بين عشية و ضحاها  ولم يفرق بين متقدم ونامي ليجبر الجميع على التةجه نحو الحلول التكنولوجية لتمكين الحياة من الاستمرار في ظل ما بات واضحا من أن التباعد المجتمعي و البقاء بالمنزل هو السبيل الوحيد لمحاربة الوباء.

أصبح العالم بأسره مجبرا على التعامل مع البعد كواقع. التعليم عن بعد، العمل عن بعد، التشخيص عن بعد … البعد هو ما يجب التعامل من خلاله. و شكل هذا الواقع إختبارا غاية في القسوة و الحدة لمختلف الحلول التكنولوجية التي كانت تتاح لمثل هذه الظروف، وكان على رأسها إختبار قدرة و كفاءة البنية التحتية التكنولوجية.

وبات جليا أن الدول والشركات التي كانت قد إستعدت للإستخدمات الكثيفة على أنظمتها التكنولوجية أنها هي من إستطاعت الصمود أمام هذا التسونامي.

فعلى سبيل المثال، على الرغم من تأثر دولة  مثل الصين اقتصاديا على المدى القصير وكذلك استثماريا على المدى البعيد حيث يمكن أن يصل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى 2% هذا العام، إلا أن الحكومة الصينية قدمت نموذج حي للتكيف مع تفشي الوباء باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي اعتبرتها أهم الطرق لمكافحة الوباء باستخدام الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة لدعم الوقاية من الأوبئة وتخصيص الموارد.

وقد أدى هذا بدوره إلى ازدياد الطلب العام للاتصال عبر الإنترنت كما وضع على عاتق شبكات الاتصالات مسؤولية تحسين إمكانات الشبكة وتوفير استجابة سريعة وفعالة من قبل مزودي الخدمة.

وبالإضافة لتنامي الإتصال، فقد كان هناك أيضا تقديم العديد من الخدمات عبر الإنترنت مثل عرض بث مباشر لبناء المستشفيات، وتوفير الفصول الدراسية للتعليم عن بعد، والتصوير الحراري لقياس درجة حرارة جسم الإنسان، ذلك بالإضافة إلى بث مؤتمرات الفيديو المباشر، والتي استوعبت بالفعل جودة الخدمة المقدمة المتطلبات الجديدة لفترة التباعد الاجتماعي.

و أطلقت الحكومة مبادرات محددة صاغت من خلالها إستراتيجيات إستمرار الأعمال المختلفة. ففي التعليم، اتخذت المدارس في الصين شعار ” المدارس مغلقة، لكن على الدراسة أن تستمر” لتوفير 22 منصة مختلفة عبر الإنترنت و24000 فصل دراسي عن بعد، بحضور 270 مليون طالب. أما في قطاع الصحة، سجلت خدمة التشخيص والكشف الطبي عن بعد 110 مليون زيارة واستشارة، حيث أصبحت حلول وشبكات الجيل الخامس الطبية من أكثر الوسائل الفعالة لتشخيص الوباء. وعلى صعيد الأعمال، استخدمت بالفعل 10 مليون شركة و200 مليون موظف خدمات عقد الاجتماعات والمؤتمرات عن بعد عبر الانترنت. ذلك الطلب الضخم في جميع القطاعات جعل لدى شركات الاتصالات أولوية توفير وتحسين جودة عرض النطاق الترددي العالي لخدمات الفيديو ورفع معدل الإعداد والتزويد الاحتياطي.

لقد كان لكفاءة شبكات الجيل الخامس المطورة مؤخرا في الصين أعظم الأثر في توفير الإتصال السريع و القادر على نقل كميات ضخمة من البيانات في أقل وقت.

إن الوضع العالمي الأن، ومصر ليست بمعزل عنه، يفرض ضرورة الأخذ في الإعتبار أن العودة لعصر ماقبل الكورونا لن يكون ممكنا، إن كان ممكنا، قبل العديد من الأشهر، و أن الاستثمار في تطوير و رفع كفاءة شبكات الإتصالات بمختلف مراحلها هو ضرورة لإستمرارية الحياه و ليس من قبيل الرفاهية أو الترف. بقاء الدول وأمنها القومي وقدرتها التنافسية باتوا مرتطبتين إرتباطا وثيقا بقدرتها على التمكن من الاقتصاد الرقمي و مفرداته من شبكات جيل خامس و شبكات ألياف ضوئية و منصات حوسبة سحابية وذكاء إصتناعي وبيانات ضخمه. والأهم من ذلك الإستثمار في البشر القادرين على السيطرة على تلك المفردات.

بقلم د.خالد شريف 

مستشار وزيرة الهجرة للتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى