مقالات

د. محمد عبد العليم يكتب:الحوسبة السحابية ومنهجية التحول

في ظل مبادرات التحول الرقمي التي تتبناها كل المؤسسات لتطوير أعمالها، تتزايد الإعتمادية على الحوسبة السحابية بجميع نماذجها للحصول على خدمات تكنولوجيا المعلومات, والذى يعفى تلك المؤسسات من تكلفة شراء الحاسبات والبرمجيات ويُمكنها من الحصول على الخدمات التكنولوجية السحابية كخدمة بمقابل يعادل الإستهلاك. حيث يُساعد نموذج الحوسبة السحابية المؤسسات، خاصة الصغيرة منها والمتوسطة، في الحصول على موارد تكنولوجية مناسبة وفعالة، والتى لم يكن بمقدورها تحمل نفقاتها المتزايدة.

كما يساعد نفس النموذج المؤسسات الكبيرة أن تحصل على نطاق كبير من القدرات الحاسوبية وسعات التخزين والإتصال وقتما تحتاج، دون وجود قيود على الموارد التكنولوجية أو الحاجة إلى زيادة حجم تجهيزاتها ومنشآتها.

إن الإعتماد على الحوسبة السحابية وخدماتها يعد قراراً ينبثق من إستراتيجية المؤسسات للتحول الرقمى، ولا يقتصرعلى المؤسسات فقط وإنما يمتد لاستراتيجية القطاع الذى تتبعه المؤسسة، بل يصل لإستراتيجية الدولة التي تعزز التحول الرقمى كأحد المقومات الأساسية لدعم الاقتصاد والإرتقاء بمستوى الخدمات على إختلافها، وما يتبعه من تبنى سياسة الحوسبة السحابية أولاً (Cloud First Policy) ، ومع الأخذ في الإعتبار أن طبيعة عمل المؤسسات ومجال تخصصها بالإضافة لنوعية البيانات التي تعالجها رقمياً، هي عوامل تؤثر بالسلب والإيجاب على مدى سرعة المؤسسات لتبنى خدمات الحوسبة السحابية، وعلى إختيار النموذج المناسب سواء السحابة الخاصة (Private Cloud)، أو السحابة العامة (Public Cloud)، أو الجمع بين خدمات من كلا النموذجين في نموذج السحابة الهجين(Hybrid Cloud) 

لذا فان قرار التحول من نموذج الخدمات التكنولوجية بشكلها التقليدي، للإعتماد على الخدمات التكنولوجية السحابية، دافعاً للمؤسسات أن تحدد الطريقة أو المنهجية المثلى لنقل خدماتها وتطبيقاتها والبيانات المرتبطة بها بنفس تصميماتها القائمة، إن كانت مناسبة أو بتغييرها للتوافق مع تصميمات منصات الحوسبة السحابية. ولذلك يوصى مقدموا الخدمات السحابية التجارية باتباع منهجيتهم الخاصة عندما تقرر أي مؤسسة الإعتماد على خدماتهم السحابية، وذلك بغرض ضمان التوافقية التشغيلية وسرعة نقل الخدمات وإتاحتها بموثوقية وإعتمادية تحقق رضا العميل النهائي.

إلا أنه بحصر طرق أو منهجيات التحول نحو الحوسبة السحابية (Cloud Migration Methods) وبخلاف منهجية شركات مثل أوراكل، وأمازون، ومايكروسوفت، توجد عدة طرق ومنهجيات أخرى، ولا يتسع المقام لسرد تفاصيلها بل ما يستحق التركيز عليه من خلال تحليلها جميعاً، هى المراحل المشتركة بينها والتى ينبغي على أي مؤسسة أن تأخذها بعين الإعتبار فى نقل خدماتها وتطبيقاتها للسحابة.

وبداية تلك المراحل تبدأ بتقييم الوضع القائم للتعرف على التطبيقات والخدمات وطبيعة وحجم البيانات المراد نقلها، بغرض الوقوف على مدى إمكانية النقل من عدمه، مع تحديد النموذج الأمثل للسحابة. ولعل ناتج هذا التقييم هو ما يساعد على إتخاذ القرار مع وضع قائمة الأولويات في نقل التطبيقات والبيانات. أما المرحلة الثانية هي دراسة حالة الأعمال (Business Case Study) لعملية النقل والتحول للسحابة وذلك لعدة أهداف أهمها تأكيد المردود المادى من إستخدام الخدمات السحابية وكم التوفير العائد على المؤسسة في مقابل خدمات تكنولوجية أكثر موثوقية، مما ييسر الحصول على دعم الإدارة العليا في إجراء التحول مع تلافى مقاومة التغيير إن وجدت.

المرحلة الثالثة تشمل تجهيز الطريقة الفنية حسب تصميمات التطبيقات والخدمات ومدى تعقد العلاقات بينها، وفى هذا السياق توجد عدة طرق هى إعادة الإستضافة للتطبيقات (Re-Host) كما هي وبدون تغيير لأكوادها. إلى جانب طريقة إعادة تجهيز التطبيقات (Re-Factor) لتتوافق مع تصميمات منصة الحوسبة السحابية، وهذه الطريقة تتطلب الكثير من الوقت والجهد والتكلفة في حالة ضرورة الإبقاء على نفس التطبيقات وعدم إستبدالها بتطبيقات سحابية أخرى. ويعد خيار الإستبدال بالشراء لتطبيقات جديدة (Re-Purchase) هي طريقة أخرى للحصول على نفس الخدمات. يلى ذلك المرحلة الرابعة وهى تحديد كل متطلبات خصوصية وأمن البيانات وسماحية إستضافة البيانات خارج حدود جغرافية معينة، إلى جانب معايير الإلتزام بتلك المتطلبات. والتي يجب أن يعمل مقدم الخدمات الحاسوبية السحابية على مراعاتها في كل إجراءات تقديم خدماته للمؤسسة.

أما المرحلة الخامسة والأخيرة هي مرحلة إدارة عملية التحول ونقل التطبيقات والبيانات، وهى مرحلة بالغة الأهمية يديرها مدير مشروع لضمان تنفيذ التحول بإحترافية، ولعل أفضل الممارسات توصى بضرورة إجراء نموذج مبدئى لأحد التطبيقات للتعرف على أية مشكلات وتوثيق حلولها مما يساعد على تلافيها، عند إجراء نقل باقى التطبيقات والبيانات لمنصة الحوسبة السحابية. ويعقب ذلك إجراء مجموعة من الإختبارات الفنية على التطبيقات والخدمات للتأكد من أنها تراعى كل المتطلبات السابق تحديدها في المراحل سابقة الذكر.

إن إبطاء عملية التحول للخدمات التكنولوجية السحابية يصاحبه أعباءً مالية وإستثماراً كبيراً فى عدد من الموارد التكنولوجية الأساسية (الحاسبات، الخوادم، تراخيص البرمجيات والتطبيقات، الصيانة، الترقية والتحديث، فريق الإدارة والتشغيل) لضمان كفاءة وإستمرارية تشغيل خدمات تكنولوجيا المعلومات. وختاماً ومن خلال التحول يمكن للمؤسسات أن تتفادى هذه الأعباء والتحديات وتحقيق المردود من الإستثمار، مع الإستخدام الأمثل للموارد الحاسوبية بالمرونة الملائمة، ليُمَّكن المؤسسات من توجيه الإستثمارات والنفقات لتطوير أعمالها ودورها الأساسى.

 

 

د/ محمد عبد العليم سعد استشاري هندسة نظم المعلومات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى