مقالات

عمرو فاروق يكتب : صناعة مراكز البيانات العملاقة .. بين الحلم و الواقع

في عام ٢٠٠٨ احتلت صناعة تكنولوجيا المعلومات مركزا وحيداً و متأخرا ضمن أكبر عشر شركات علي مستوي العالم من حيث حجم الأعمال و كان التسعة الكبار هم شركات الطاقة الكبري، و بعد مضي عشر سنوات و في عام ٢٠١٨ انقلبت الآية رأساً علي عقب لنفس التصنيف فأصبحت التسع شركات الأولي هي شركات تكنولوجيا المعلومات و شركة وحيده من شركات الطاقة علي قائمة الأكبر في العالم ..
وفي خضم العشر سنوات ظهرت العديد من التكنولوجيات و التقنيات الحديثة كالذكاء الإصطناعي و إنترنت الأشياء و العملات الرقمية المشفرة و تطبيقات التواصل الإجتماعية و عمليات التحول الرقمي العملاقة و الحوسبة السحابية و علوم تحليل البيانات و غيرها الكثير من التطبيقات كثيفة الإحتياج للمعالجات الرقمية الكبيرة و السرعات العالية للتخزين الرقمي المؤقت و سعات تخزين رقمي كبيرة جداً للبيانات و قدرات إتصال شبكي بسماحية مطلقة للبيانات .
تلك التطبيقات و التقنيات وصلت لما بها الآن نتاجاً لتطور تكنولوجيات موازية للبنية التحتية لمراكز البيانات العملاقة في العديد من النطاقات التكنولوجية technology Domains لتطوير آلية التكامل بين تلك النطاقات و التي بدأت وتيرة تطويرها بالتطور الهائل في صناعة الرقائق الدقيقة الموجودة بالهاردوير  و ما لذلك من نتائج جبارة تجلت في معالجات رقمية هائلة القدرات و سرعات تخزين مؤقتة عالية و سعات تخزين غير مسبوقة و تطور في أجهزة الاتصال الشبكي بأسلوب السماحية المطلقة Wire Speed Throughputs ثم تطور تقنيات تجهيز البنية السوفت وير التحتية لمراكز البيانات مثل تقنيات النطاق الإفتراضي virtualisation و Hyper-Convergence و Dokers و غيرها ثم ظهر معها تقنيات الإدارة التقنية لمراكز البيانات Data Center Orchestration و ذلك باستخدام برامج البنية التحتية الافتراضية او التطبيقات العاملة في تلك البيئة الإفتراضية ذلك بالإضافة للأهمية القصوي لتكنولوجيا التأمين السيبراني الكامل للبيانات في جميع مراحلها سواءاً كانت في حالة حركة أو في حالة سكون أو في حالة إستخدام افتراضي او طبيعي ..
ذلك الزخم التكنولوجي الكبير في مراكز البيانات تواكب مع استخدام متنامي بشكل مضطرد مع تنوع كبير للأجهزة الطرفية المختلفة من اجهزة محمولة او اجهزة لوحية او كمبيوتر محمول و غيرها مما أتاح كثافة أستخدام للتطبيقات المثبطة في مراكز البيانات العملاقة و التي أصبحت بحق صناعة كبيرة تحتاج الاهتمام لارتفاع عائدات تلك الصناعة علي المستوي العالمي.
و ليست تكنولوجيات البنية التحتية لمراكز البيانات  هي من اصابها التطوير و لكن أيضا تقنيات التخطيط و التشييد المدني لمراكز البيانات أصبحت أكثر تطوراً و تعقيدا لتواكب متطلبات الاستقرار للتطبيقات المختلفة بما في ذلك تكنولوجيات اعمال الطاقة الكهربائية بما يضمن تنوعها و استقرارها و تقنيات التبريد المتطور و تقنيات التيار الخفيف و المولدات الكهربائية حيث من المعلوم أن صناعة مراكز البيانات العملاقة معتمدة علي الطاقة المستقرة بشكل كبير و تحتاج تعدد و تنوع لمصادرها لضمان كفاءة التشغيل و الأداء.
منذ عام ٢٠١٥ و مع بداية عمليات الإصلاح الاقتصادي الشاملة بمصر و في ظل ذلك الزخم التكنولوجي العالمي، راود منظمو المؤتمر الحالي حلم تحول مصر لمركز عالمي للبيانات و ممر معلوماتي للخدمات الرقمية فكانت النسخة الأولي من مؤتمر و معرض مستقبل صناعة مراكز البيانات العملاقة و الذي انطلق عام ٢٠١٦ بمبادرة لإلقاء الضوء علي المقومات الكبيرة الموجودة بمصر لقيام و ازدهار تلك الصناعة عالية العائدات عالمياً و ذلك بداية من
⁃موقع مصر الجغرافي المتوسط و مرور اكثر من ١٧ كابل بحري للشبكة الدولية مِن خلال أراضيها.
⁃قدرات إمدادات الطاقة الكبيرة بعد عمليات الإصلاح الشامل في قطاع الطاقة.
⁃و أخيرا ببلد غني بالموارد البشرية عالية الكفاءة و التخصصية، بلد حاضنة للتنوع الفكري و العلمي و الايديولوجي، بلد هي مهد الحضارات و منبع التاريخ، بلد هي مصدر الأمن و الأمان للمنطقة بالكامل بلد قادرة علي تحقيق المعجزات بفضل العامل البشري المثقف و الواعي و الذي ابهر العالم علي مر العصور.
كل ذلك كان سبباً لجعل مؤتمر و معرض مستقبل صناعة مراكز البيانات العملاقة منبراً للتواصل بين جميع أركان تلك الصناعة العالمية حيث يجتمع رواد التطوير التكنولوجي للنطاقات العلمية المختلفة من أكبر الشركات العالمية و مزودي الخدمات العالميين و المحليين و شركات الحلول المتكاملة و الاستشاريين ذلك بالإضافة للعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات في جميع القطاعات و ذلك بتمثيل حكومي قوي و مميز برعاية و حضور معالي وزير الإتصالات و تكنولوجيا المعلومات د/ عمرو طلعت بالإضافة للتمثيل القوي من باقي القطاعات الحكومية و الخاصة بشكل عالي المستوي في المشاركة سواءاً بالافتتاح او في الفعاليات و التي تتم علي يومي ١٧ و ١٨ يونيو.
و حضور المؤتمر محدد للمتخصصين العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات وبدون مقابل مادي للحضور و لكن يلزم تسجيل مسبق إلزامي و موافقة للحضور من قبل المنظمين و من ثم الحصول علي QR كود و يتم التسجيل من خلال الموقع الإلكتروني www.futuredc.org  او من خلال تنزيل تطبيق المؤتمر بنسختيه علي Android او IOS.
مصر بكل ما حباها الله من مقومات تاريخية و جغرافية و الآن مقومات إقتصادية و بشرية جبارة قادرة علي فعل المعجزات و تحويل مصر لمركز إقليمي عالمي لصناعة مراكز البيانات و القادر علي تصدير تكنولوجيا المعلومات و جذب استثمارات اجنبية كبيرة، تستحق مشاركة الجميع لبناء قدرات الوطن التكنولوجية لمواكبة التطور العالمي. فدعوة للمتخصصين للمشاركة بفعالية في المؤتمر من اجل التفاعل البناء و الشامل و الذي ينتج توصيات سنوية تؤثر بشكل إيجابي في صناعة تكنولوجيا المعلومات بشكل عام مع وعد بتقنيات عالية للتنظيم تتواكب مع الحدث و مع التكنولوجيات المعروضة.
م/ عمرو فاروق 
رئيس مؤتمر و معرض مستقبل صناعة البيانات العملاقة
و العضو المنتدب لمجموعة MCS القابضة
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى