مقالات

أشرف سراج يكتب لـ ICTBusiness : الأمن السيبراني ركيزة أساسية لبلوغ رؤية مصر 2030

رسمت جمهورية مصر العربية بتوجيهات قيادتها الرشيدة خريطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة، واختطت لها مساراً نهضوياً طموحاً لتحقيق مشروعها الوطني المتمثل في بلوغ «رؤية مصر 2030»، سعياً منها لتعزيز موقع مصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتأسيسها كقوة استثمارية بصفتها مركز استراتيجي يربط القارات الثلاث.

ولتحقيق هذا الهدف المنشود، يجب توافر جميع الأركان الأساسية اللازمة للمضي قدماً في هذه الرحلة، ويكمن أحد أهم هذه العناصر الرئيسية في توفر “الأمن السيبراني”، حيث يعتبر الأمن السيبراني شريان التحول الرقمي، فبفضل الأمن السيبراني يبقى المجال الرقمي مصدراً للفرص ونستطيع كذلك بفضله العمل بِحُريّة وأمان، والتركيز على أعمالنا دون القلق من مخاوف الهجمات التي تعطل وتشوّش ازدهارنا وتقدمنا.

لذلك تعمل تريند مايكرو في مصر منذ أكثر من عشرة سنوات بجهد من أجل سد فجوة المهارات بمجال الأمن السيبراني، ودعم الابداع السيبراني في البلاد، كما أننا نتعاون مع المؤسسات عبر كافة القطاعات لتلبية الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل، كل ذلك من أجل الارتقاء بمكانة مصر ؛ وموقعها الجغرافي المتميز على خارطة السوق التنافسية ؛ ودورها الهام على المستوى الإقليمي والدولي. وإننا نسعى إلى أن نكون شريك في كل المبادرات والاستراتيجيات الرقمية التي تهدف الى تأمين جميع القطاعات لتحقيق “رؤية مصر الرقمية”  2030.

ومع الحقبة الجديدة من التحول الرقمي التي نشهدها في جميع أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلاً عن التوجه الكبير لنقل البنية التحتية إلى السحابة، فإننا نبني استراتيجيتنا في 3 اتجاهات رئيسية:

أولاً: برامج  وتقارير توعية لتسليط الضوء على أهمية تهديدات الأمن السيبراني التي نواجهها والتقنيات الجديدة لحماية البيانات والأصول الرقمية.

وقد سعدنا مؤخراً بالمشاركة في تريند مايكرو في «قمة مستقبل مراكز البيانات العملاقة -The Future of Data Centers Summit 2022  » ، في خطوة جديدة استهدفت الوقوف على أحدث المستجدات العالمية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يتماشى مع مفاهيم التحول الرقمي في مصر.

وتصدر الشركة سنويا عدة أبحاث لمساعدة الأفراد والشركات على رفع مستوى الاستعداد للتهديدات السيبرانية واعطائهم الخطوات اللازمة للتصدي للمخاطر الإلكترونية

وقد أصدرنا مؤخراً «Project 2030»، وهو تقرير غني بالمعلومات التي تتنبأ بصورة العالم السيبراني وحوادث الجرائم الإلكترونية في المستقبل، كما يحتوي على سلسلة من الفيديوهات تعرض سيناريوهات توضح كيف سيكون شكل العالم في العقد المقبل. وتوقّع التقرير أن الاتصال المتزايد بالإنترنت سيؤثر بالسنوات القادمة على جميع مناحي حياتنا اليومية، وذلك على المستويين الجسدي والنفسي. وأن الجهات الفاعلة للتهديدات السيبرانية ستطور من آلية عملها الخبيثة وتسيء استخدام الابتكارات التكنولوجية. كما ستؤثر الهجمات السيبرانية في السنوات القادمة على طريقة تفكير المواطنين، وسياسات الشركات والحكومات.

وجاء فيه أيضاً أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستساهم في إضفاء الطابع الديمقراطي للجرائم الالكترونية لأن البيانات ستكون متاحة للجميع وليس فقط للمتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للمهاجمين السيبرانيين من إحداث فوضى بسلاسل التوريد وإلحاق الأذى الجسدي بالبشر عبر زرع أدوات سيبرانية، وسيكون من الصعب تجنب هجمات الهندسة الاجتماعية والهجمات التي تعتمد على تضليل المعلومات عندما تصبح البيانات متاحة بشكل أوسع عبر “أجهزة عرض البيانات بمستوى الرأسHeads Up Displays – “، كما أننا نتوقع كذلك أن ترفع بيئات إنترنت الأشياء الضخمة من شَهِيَّة مجرمي الانترنت الذين سيشنون هجماتهم  لاستهداف قطاع التصنيع والخدمات اللوجستية والنقل والرعاية الصحية والتعليم والبيع بالتجزئة والبيئة المنزلية، وبما أننا نرى الاتصال بشبكات 5G  في كل مكان، سيؤدي ذلك إلى حدوث هجمات أكثر تطورًا ودقة، وستصبح في السنوات القادمة “القومية التكنولوجية –  Techno-nationalism ” أداة جغرافية استراتيجية رئيسية لعدد من أقوى دول العالم، وذلك في ظل اتساع الفجوة بينها وبين الدول المتأخرة تكنولوجياً.

ثانياً: إعداد المواهب لسد الفجوة في متطلبات السوق لمجموعة المهارات المهنية.

ومن أهم المبادرات التي نقيمها في مصر لهذا الشأن مبادرة “التقط العلم”  وذلك في اطار جهودنا الطامحة إلى اكتشاف أفضل المواهب في هذا المجال داخل الجمهورية، حيث تهدف هذه المبادرة إلى إعداد الشباب للمشاركة في البطولة الإقليمية، والتي تعد جزء من المبادرة العالمية الهادفة إلى تعزيز العقول و رفع مستوى المهارات في قطاع أمن تكنولوجيا المعلومات من خلال مسابقة قائمة على تجاوز أصعب تحديات الأمن السيبراني التي تواجه عالمنا اليوم.

وبما أن مصر تقود في الوقت الراهن قاطرة المنطقة فيما يتعلق باستخدام وتسخير الحلول التكنولوجية، تماشياً مع المشهد المتسارع  للحكومات في التنافس على التحول الرقمي من أجل تحقيق أجندتها الوطنية، وسعياً منها إلى بناء مشروع “مصر الرقمية” للدخول في البلاد إلى عصر تكنولوجي جديد يتيح لها الوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقميًا في كافة مناحي الحياة، لن يتوقف دور حكومة مصر على توفير أحدث التقنيات الأمنية فقط، بل يستوجب عليها رفع مهارات العنصر البشري والاستثمار فيه وجعل المواطن المصري صمام الأمان لرحلة التحول الرقمي للبلاد، ويعود السبب في ذلك لأن التكنولوجيا وحدها لا تكفي إذا لم توجد الكفاءات التي تمتلك المهارة اللازمة لتفعيلها.

وبهذا الصدد، أطلقت حكومة مصر عددًا من المبادرات والمشروعات التي تستهدف بناء الإنسان المصري ليكون جاهزًا لعصر التحول الرقمي فلا يمكن أن يُبنى مجتمع رقمي دون وجود المستوى والخبرة والأعداد الكافية من الموارد البشرية التي ستتولى تنفيذ هذه المهمة. ومن هذا المنطلق قامت الحكومة تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتوفير التدريب وبناء القدرات لجميع شرائح المجتمع، بما في ذلك طلاب المدارس والجامعات والخريجين والمهنيين والأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن تنمية المهارات والخبرات المصرية في التخصصات المختلفة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.

ثالثاً: توسيع خدماتنا وعروضنا المهنية المقدمة إلى السوق

وإننا في تريند مايكرو نملك حضور قوي في سوق أفريقيا، فالشركة لديها مكتب إقليمي في مصر يغطي منطقة شمال إفريقيا وبلاد الشام. وفريق دعم مقره في مصر للرد على تذاكر الدعم اليومية للعملاء لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وفريق “الاستجابة للحوادث” ومقره مصر، وهو مزود بكل الوسائل الحديثة لتحقيق الدعم للعملاء وحمايتهم من أي تهديد أمني سيبراني قد يواجهونه، وفرق مبيعات وفرق تقنية موجودة في المغرب وتونس ونيجيريا وكينيا، ومكتب إقليمي في جنوب إفريقيا يغطي منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وإننا نهدف إلى إضافة مواردنا وتوسيع رقعتنا في عدة بلدان مختلفة كذلك مثل إثيوبيا والكاميرون والسنغال

تلعب تريند مايكرو دوراً كبيراً في المساعدة على جعل العالم مكاناً أكثر أماناً لتبادل المعلومات الرقمية. وتقدّم حلولاً مبتكرة للمستهلكين والشركات والحكومات لحماية مراكز البيانات وبيئات الحوسبة السحابية والشبكات ونقاط النهاية. وتعمل جميع منتجات الشركة معاً لتحقيق تبادل سلس للاستخبار عن التهديدات، وتوفير دفاع متصل ضد التهديدات مع سهولة في النشر والإدارة المركزية بشكل يتيح حماية أفضل وأكثر سرعة واستباقية.

والجدير بالذكر أن حلول تريند مايكرو قامت بمنع 58 مليون تهديد سيبراني على مصر خلال عام 2021 ، حيث تصدت لما يزيد على 29 مليون هجمة عبر البريد الإلكتروني، بينما قامت بالتصدي لأكثر من 1.4 مليون هجوم لبرمجيات خبيثة، في حين منعت أكثر من 3.6 مليون هجوم يتعلق بضحايا الضغط على الروابط الضارة،  وقد كانت الشبكات المنزلية في مصر بالآونة الأخيرة عامل جذب لمجرمي الإنترنت الذين استهدفوا الأنظمة والأجهزة والشبكات، وبهذا الصدد حجبت حلول ”Smart Home Network” من تريند مايكرو أكثر من (15 ألف) هجمة داخلية وخارجية، وكذلك منعت حصول أكثر من 12 مليون هجمة من القراصنة الساعين لاستهداف أو السيطرة على الشبكات المنزلية.

ونمتلك التزاماً راسخاً تجاه تمكين حكومة مصر من تحقيق أهدافها المرجوة، وايماناً قوياً بأن ما نقدمه من تقنيات أمنية لا بد أن يواكبه فهم حقيقي من المجتمع بأهمية دور الأمن السيبراني في تأمين وحماية مؤسسات ومصالح الدولة في مرحلة التحول الرقمي، وضمان التكيف مع ما يشهده العالم من نمو مستمر في أعداد مستخدمي الأجهزة والنظم الذكية، ويكون ذلك من خلال تشجيع المهارات الفردية للشباب في مجال الأمن السيبراني، وتأهيلهم لمواجهة الهجمات الإلكترونية الضارة، والقدرة على امتلاك الأدوات المناسبة والمهارات اللازمة لاكتشاف الثغرات، وفحص الشبكات والأنظمة وحماية نظم معلومات مؤسسات الدولة من الاختراق الخارجي، وسرعة الاستجابة بما يضمن مساعدة الدولة على تجنب خسائر مالية فادحة على مستوى الاقتصاد الوطني.  علما أن بوابة مصر الرقمية 3 ملايين هجمة شهرياً تحاول اختراق خدماتها، لا عجب في ذلك، إذ أن الانتقال إلى السحابة والتحول الرقمي الكبير الذي تشهده البلاد فتح شهية مجرمي الانترنت.

كما يجب على المؤسسات ان تتبنى أحدث التقنيات والحلول السيبرانية المتطورة لتتمكن من التصدي للهجمات السيبرانية وحماية أصولها الرقمية، وقد أطلقت الشركة مؤخراً منصة Trend Micro One التي توفر قدرات قوية لتقييم المخاطر، وتعمل على تمكين العملاء من اكتشاف النقاط المستهدفة من مجرمي الانترنت عبر تعيين ومراقبة وتحديد خصائص الأصول الرقمية في بيئاتهم، فضلا عن فهم وتقييم المخاطر والثغرات الأمنية بشكل مستمر، وتحديد أنواع الأنشطة الخطرة.

 

 

 

بقلم: أشرف سراج، المدير الإقليمي لتريند مايكرو في شمال إفريقيا وبلاد الشام

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى