خاضت مصر قبل 8 أعوام رهانا وطنيا استراتيجيا مع تولّي الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة البلاد، تكلّل بالنصر عاما بعد عام، استعادت خلاله الدولة استقرارها الاقتصادي، وحقق القطاع الخاص نموا استثنائيا مدعوما بتحسّن مناخ الأعمال والاستثمار في مجموعة من القطاعات على رأسها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وكشفت السنوات الثمانية من قيادة الرئيس السيسي للبلاد، أن الاقتصاد المصري قادر على استعادة عافيته، متى توفرت له الرؤية المستندة إلى التصميم والإيمان بطاقات الشعب المصري وقدرته على الابتكار. وخلال كل هذه الفترة كانت أڤايا تقف جنبا إلى جنب مع الشركات والمؤسسات لتقديم ابتكاراتها وحلولها الرقمية، بينما تتقدم مصر في مسار التحوّل الرقمي وتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ولم تتردد أڤايا حتى في عزّ التحديات التي خاضتها مصر، من مواصلة رفع الاستثمارات وتعزيز الموارد وبناء الشراكات ودعم الوزارات وغيرها من الشركاء بحلول ثورية في عالم مراكز الاتصال وحلول العمل عن بُعد التي شملت بفوائدها مختلف القطاعات.
وحرصت أڤايا على دعم الرؤية الرقمية التي أطلقتها مصر ووضعتها ضمن أهدافها الاستراتيجية. وكانت أڤايا طرفا رئيسيا في المبادرة التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لإطلاق تطبيق الاختبار الآلي لأعراض “كوفيد-19” (كورونا)، الخاص بالصمّ وضعاف السمع. كما قدمت أڤايا حلولا مشابهة في القطاع المصرفي، إضافة إلى عشرات المشاريع الأخرى بالتعاون مع عدد كبير من الشركاء في المجالات الطبية والتربوية والثقافية وغيرها من المجالات الحيوية.
مصر التي كانت قبل العام 2014 تعاني من كبوة اقتصادية، سارعت إلى تنفيذ استراتيجية اقتصادية طموحة سرعان ما دعمتها المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي وباقي المؤسسات الدولية المرموقة. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أن المؤسسات الدولية أشادت على مدى السنوات الماضية بنجاح المسار الاقتصادي الذي اختارته مصر، خصوصا وأنه تزامن مع مواصلة تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باعتباره قطاعا يدعم كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى ويلعب دورا مفصليا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد.
نمو الاستثمارات الحكومية
الدليل الدامغ على النجاحات المتواصلة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتمثّل في الأرقام والاحصاءات. وفي أحدث تقارير وزارة الاتصالات، تبيّن أن مشروع بناء “مصر الرقمية” بات يستحوذ على اهتمام حكومي كبير. ومن المتوقع أن تبلغ الاستثمارات الحكومية الموجّهة إلى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى العام المالى 2022/2023 نحو 22.8 مليار جنيه وبنسبة نمو تصل إلى 22 في المئة. وهو ما يؤكد أن الدولة مؤمنة بأهمية رصد استثمارات متزايدة لتحقيق رؤية “مصر الرقمية”، وتوفير الحلول الرقمية لكامل المجتمع المصري. وبحسب بيانات الوزارة أيضا، يعدّ الارتفاع المُحقق على مستوى مؤشرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات “الأعلى نموا” فى مصر على مدى 3 سنوات متتالية وبمعدل نمو يناهز 16 في المئة.
ومن الضروري هنا التوقف عند الانجازات المتتالية، والتي تشمل إطلاق مجموعة مبادرات مثل مجمّعات الإبداع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. كما تمّ إطلاق قمر الاتصالات الصناعي المصري (طيبة 1) في نوفمبر 2019، لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لكل بلدان المنطقة. ويدعم هذا القمر المشاريع التنموية التي أطلقتها مصر وخصوصا منها “استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة”. كما أُطلقت مبادرات مثل “مصر المستقبل” و”علماء مصر المستقبل” وبرنامج “مبرمجو المستقبل” و”أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية”.
كما تم إطلاق أول هاتف نقال مصري يتم تصنيعه محليا، بالتزامن مع إطلاق خدمات اتصالات حديثة، إضافة إلى المناطق التكنولوجية ومدينة المعرفة في العاصمة الإدارية الجديدة، وبرنامج الشمول المالي والتحول الرقمي. ومن المعروف أن مصر شهدت في سبتمبر 2017، إطلاق خدمات الجيل الرابع من شبكات الاتصالات اللاسلكية، لتصبح مصر من بين البلدان التي تتوفر فيها خدمات اتصالات بسرعات عالية للإنترنت، ما فتح الباب أمام مجموعة من الحلول من بينها توفير حلول السحابة. وساهمت هذه الخطوة والرخص التي طٌرحت معها، في ضخّ استثمارات كبيرة بلغت نحو 1.1 مليار دولار إضافة إلى 10 مليارات جنيه لمالية الدولة. كما تمكنت الشركة المصرية للاتصالات من دخول سوق المحمول عبر خدمات الجيل الرابع بعد 7 سنوات من المطالبة بالترخيص.
المناطق التكنولوجية
وفي العام 2015 أطلق الرئيس السيسي مشروع المناطق التكنولوجية في كل من مدينة برج العرب الجديدة ومدينة أسيوط الجديدة. وفي المرحلة الثانية، تم تحويل المشروع إلى مبادرة قومية لنشر المناطق التكنولوجية في أنحاء البلاد، كما تم تدشين شركة “واحات السيليكون للمناطق التكنولوجية”.
وفي العام 2016 أطلق الرئيس السيسي الأعمال في مدينة المعرفة التي تضم كلا من مركز الإبداع والابتكار، المعهد القومي للاتصالات، الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة، الجامعة المصرية لتكنولوجيا المعلومات ومبنى هرم العروض الرقمية. ولم تتوقف المبادرات والمشاريع عند هذا الحد، إذ شهد العام الماضي توقيع اتفاقية لتنفيذ منظومة التطبيقات الذكية لإدارة وتشغيل مدينة المعرفة التي أطلقتها وزارة الاتصالات في العاصمة الإدارية الجديدة. وتتضمن مدينة المعرفة جامعة مصر المعلوماتية، وهي أول جامعة متخصصة في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا والشرق الأوسط، وتصل الاستثمارات المخصصة لها إلى 8 مليارات جنيه أما طاقتها الاستيعابية فتصل إلى 10 آلاف طالب.
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي
أخيرا وليس آخرا، شهدت الفترة الماضية مشاريع أخرى أبرزها إطلاق “رؤية مصر 2030” ومشروع “التحول الرقمي” عبر استخدام وتفعيل أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطاعات الدولة. وربما الأهم مواصلة دعم الكوادر البشرية الرقمية فى كافة علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال استراتيجية التدريب التقني وباستثمارات تناهز 1.1 مليار جنيه لتدريب 200 الف شخص. كما واصلت الحكومة دعم الشركات الناشئة، وبلغ حجم الاستثمارات فى الشركات الناشئة عام 2021 نحو 490 مليون دولار بمقارنة بنحو 190 مليون دولار في العام 2020. كذلك تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي تتضمن محورين رئيسيين هما بناء القدرات لخلق قاعدة من المتخصصين في كافة مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. وتقدم ترتيب مصر في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي” الصادر عن مؤسسة “أكسفورد إنسايت” ومركز أبحاث التنمية الدولية 55 مركزا لتصبح في المركز الـ 56 عالميا بين 172 دولة، مقارنة بالمركز الـ 111 بين 194 دولة في عام 2019.
بقلم: أحمد فايد ، المدير الإقليمي لشركة أڤايا في مصر وليبيا
نقلا عن العدد المطبوع لمجلة ICTBusiness