Site icon ICT Business Magazine – أي سي تي بيزنس

تامر أبو العزم الشريك الإداري لـ IBM Consulting: التحول الرقمي في مصر لم يعد خيارًا… والبيانات هي الكنز..(حوار)

تامر ابو العزم

أجرى الحوار : محمد لطفي

في وقتٍ لم يعد فيه التحول الرقمي خيارًا، بل شرطًا أساسيًا لاستدامة الأعمال وتعزيز تنافسية الاقتصادات، تبرز شركة IBM كأحد اللاعبين الرئيسيين في إعادة تشكيل المشهد الرقمي عالميًا ومحليًا. وعلى مدار أكثر من سبعة عقود من التواجد في السوق المصري، لعبت IBM دورًا محوريًا في دعم مشروعات استراتيجية للدولة والقطاع الخاص، أسهمت في تحديث البنية التحتية الرقمية، وتعزيز الاعتماد على البيانات، وتسريع تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

في هذا الحوار، نلتقي تامر أبو العزم، الشريك الإداري لـ IBM Consulting مصر، للحديث عن ملامح التحول الرقمي في مصر، ودور IBM في تمكين القطاعات الحيوية من الانتقال إلى نماذج تشغيل أكثر ذكاءً ومرونة. يناقش الحوار أبرز المبادرات الاستراتيجية التي تقودها IBM داخل السوق المصري، والتحديات التي تواجه المؤسسات في رحلتها الرقمية، وكيفية تجاوزها عبر السحابة الهجينة، والذكاء الاصطناعي المؤسسي، وإدارة البيانات، والأمن السيبراني.

 كما يتناول الحوار جاهزية الكوادر البشرية في مصر لمواكبة التطورات المتسارعة، ودور IBM في بناء القدرات الرقمية، السطور التالية ترصد محاور الحوار.

كيف تقيّم الدور الذي تلعبه IBM مصر اليوم في تسريع وتطوير منظومة التحول الرقمي داخل القطاعات المختلفة في السوق المصري؟

من واقع عملي داخل IBM لأكثر من 13 عامًا، أستطيع القول بثقة إن الدور الذي تلعبه IBM مصر اليوم في دعم وتطوير منظومة التحول الرقمي أصبح أكثر تأثيرًا وعمقًا من أي وقت مضى. فنحن نؤمن أن التقدّم الحقيقي يحدث عندما تلتقي الخبرة الموثوقة بالتكنولوجيا عالية التأثير، وهذا هو جوهر عملنا داخل مجموعة IBM للخدمات الاستشارية.

اليوم، تقود IBM مصر مشاريع تحول رقمي واسعة النطاق عبر مختلف القطاعات؛ من الطاقة والخدمات المالية، إلى التجزئة والخدمات الحكومية، ليس من خلال الحلول التكنولوجية فحسب، بل عبر تمكين المؤسسات من بناء بيئات تشغيلية مستندة إلى البيانات، مرنة، وآمنة، وقادرة على الابتكار والنمو المستدام. نحن نساعد العملاء على صياغة رؤى التحول، تصميم نماذج الأعمال المستقبلية، وتعزيز قدراتهم في مجالات حيوية مثل الاستدامة واتخاذ القرار القائم على البيانات والانتقال إلى بيئات السحابة والهجينة.

ما يميّز مجموعة IBM للخدمات الاستشارية عالميًا وفي مصر، هو قدرتها على الجمع بين الخبرة الاستشارية المتعمقة والقوة التقنية لـ IBM، وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والسحابة الهجينة، والأمن السيبراني-  فمجموعة IBM للخدمات الاستشارية هي شركة الاستشارات العالمية الوحيدة داخل شركة تكنولوجية تمتلك تقنيات ذكاء اصطناعي وخبرة أعمال لتفعيلها. نحن نقدم خدمات متكاملة تشمل وضع الإستراتيجية والتنفيذ معًا؛ فلا نكتفي بالتوصيات، بل نبني الحلول ونشغّلها ونضمن استدامتها داخل المؤسسات. كما اننا نعتمد على منظومة مفتوحة من الشركاء العالميين لتسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي المناسب لكل عميل.

وعلى مدار أكثر من 70 عامًا من التواجد في السوق المصري، كانت IBM شريكًا رئيسيًا للحكومة في مشاريع استراتيجية مثل بطاقة الرقم القومي، ورقمنة منظومة الضرائب بالتعاون مع وزارة المالية، إلى جانب دعم القطاع الخاص في تحسين سلاسل الإمداد ورفع الكفاءة التشغيلية اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي. كما نعمل ضمن منظومة عالمية من الشركاء لضمان تقديم حلول مرنة تناسب احتياجات كل عميل، مع آلاف الخبراء حول العالم القادرين على تنفيذ مشاريع ضخمة ومعقدة عبر عدة دول وقطاعات.

باختصار، IBM مصر اليوم ليست مجرد مزوّد تكنولوجيا؛ بل شريك تحول حقيقي يساعد المؤسسات على بناء مستقبل رقمي أكثر ذكاءً وكفاءةً واستدامة.

ما هي أبرز المبادرات الاستراتيجية التي تقودونها حاليًا داخل IBM مصر لدعم المؤسسات في رحلتها نحو الرقمنة والابتكار؟

نقود في IBM منظومة متكاملة من المبادرات التي تستهدف تمكين المؤسسات في رحلتها نحو الرقمنة وتعزيز قدرتها على الابتكار. ونركز اليوم على عدّة محاور رئيسية: أولها تنفيذ مشاريع التحول الرقمي واسعة النطاق، التي نساعد من خلالها المؤسسات على تحديث بنيتها التكنولوجية وبناء منصات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والسحابة الهجينة، بما يضمن مرونة تشغيلية عالية وقدرة أفضل على ربط الأنظمة القديمة بالحديثة. ونعمل على تمكين المؤسسات من تبنّي حلول الذكاء الاصطناعي من خلال منهجية IBM Consulting Advantage التي تضع أسسًا قوية للبيانات وتطلق حلولاً قابلة للتوسع وتحقق نتائج عملية سريعة. كما نركز على تعزيز الشمول الرقمي، عبر تقديم حلول عملية وبسيطة تمكّن المؤسسات من اعتماد التقنيات الحديثة دون الحاجة إلى بنية تقنية معقدة.

وتتعاون مجموعة IBM للخدمات الاستشارية حالياً مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة إنبي لتسريع جهود التحول الرقمي المعتمدة على تقنيات SAP عبر سلسلة القيمة في قطاع النفط والغاز المصري. يأتي هذا التوسع استكمالًا لنجاح المرحلة الأولى التي شملت تنفيذ أنظمة SAP داخل الهيئة وعشر شركات تابعة لها في مجالات التكرير والمبيعات والتوزيع، حيث قامت IBM ببناء منصة مركزية متكاملة تخدم أكثر من 10،000 مستخدم، وأسهمت في تعزيز وضوح البيانات وتبسيط العمليات وتسريع اتخاذ القرار ورفع الكفاءة التشغيلية.

ونعمل على توسيع نطاق المشروع ليشمل الشركات التابعة المعنية بعمليات الإنتاج، مع تولّي التنفيذ الكامل داخل الشركة العامة للبترول وفق أفضل ممارسات SAP، بما يضمن تكاملًا سلسًا وتوحيدًا للعمليات. كما طورت الشركة برامج تدريب وتمكين متخصصة لدعم جاهزية الكوادر التشغيلية وتعظيم الاستفادة من المنصة الرقمية الموحدة.

يمثل هذا التوسع خطوة جديدة في مسار التعاون بين IBM والهيئة المصرية العامة للبترول وإنبي بهدف بناء منظومة رقمية أكثر كفاءة وشفافية واستدامة، ودعم تطوير بنية تحتية رقمية حديثة تعزز التميز التشغيلي وتُسرّع الابتكار داخل قطاع الطاقة في مصر.

التحول الرقمي أصبح ضرورة وليس خيارًا… ما أكثر التحديات التي تواجه المؤسسات المصرية في هذا المسار، وكيف تساعدونهم على تجاوزها؟

أصبح التحول الرقمي اليوم عاملًا حاسمًا في قدرة المؤسسات على البقاء والمنافسة في أسواق تتغير بوتيرة متسارعة. ومن واقع خبرتنا، نرى أن أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات عالميًا تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية.

أول هذه التحديات هو غياب الرؤية الواضحة لتسلسل التحول وخطواته، وهنا نعمل مع العملاء على وضع خارطة طريق دقيقة ومبنية على البيانات، تضمن وضوح الأولويات وتسلسل التنفيذ بما يسرّع تحقيق النتائج. أما التحدي الثاني فيتعلق بتعدد الأنظمة القديمة وصعوبة دمجها مع المنصات الحديثة، وهو ما نتجاوزه من خلال حلول السحابة الهجينة التي تتيح تحديث البيئة التقنية تدريجيًا دون تعطيل العمليات اليومية. وبحسب دراسة لمعهد IBM، باتت 80% من المؤسسات تتبنى استراتيجيات السحابة، ما يساعدها على تحقيق دورات ابتكار أسرع بمعدل يصل إلى 2.5 مرة، وخفض التكلفة الإجمالية للملكية بنسبة تصل إلى 20%.

ويتمثل التحدي الثالث في محدودية المهارات الرقمية داخل المؤسسات، خصوصًا مع تزايد الطلب على الابتكار والإنتاجية وتحديدًا في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. فقد صنّف الرؤساء التنفيذيون الابتكار في المنتجات والخدمات كأعلى أولوياتهم للسنوات الثلاث المقبلة—بعد أن كان في المرتبة السادسة عام 2023 (وفق دراسة IBM IBV 2024). ورغم قناعتهم بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي بات أمرًا مصيريًا، يرى 64% منهم أن سرعة تطوّر التكنولوجيا تفوق قدرة الموظفين على التكيّف. لذلك نصمّم برامج تدريب وتمكين مخصصة للفرق الداخلية، كما فعلنا مع الهيئة المصرية العامة للبترول وإنبي، حيث درّبنا المستخدمين على حلول SAP الجديدة لضمان تحقيق أقصى استفادة وتحويل الاستثمار التقني إلى قيمة عملية ملموسة.

 في ظل تسارع تطور الذكاء الاصطناعي، ما هي أهم حلول IBM التي ترون أنها ستُحدث تأثيرًا مباشرًا على الأعمال في مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة؟

تشهد المنطقة توقعات متزايدة من المؤسسات حيث يبحث العملاء عن أحدث البرامج المعزّزة بالذكاء الاصطناعي، وأدوات الأتمتة، والأصول القابلة لإعادة الاستخدام – وهو ما يجعل مستوى التوقعات أعلى من أي وقت مضى. نحن في مجموعة IBM للخدمات الاستشارية نمتلك ميزة فريدة كوننا الشركة الاستشارية العالمية الوحيدة العاملة داخل مؤسسة تكنولوجيا كبرى، مما يعطينا القدرة على تقديم حلول ذكاء اصطناعي قابلة للتطبيق والتوسع على مستوى المؤسسات.

إن إمكانات الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال هائلة، لكنها لا تزال غير مستغلة بالشكل الكامل. فقد أظهرت دراساتنا أن 72% من الرؤساء التنفيذيين الأعلى أداءً يتفقون على أن الميزة التنافسية ستعتمد على من يمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي الأكثر تقدّمًا، لكن 38% فقط يقولون إن مؤسساتهم تمتلك الخبرة الداخلية اللازمة لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي بهدف الابتكار.

وخلال السنوات الثلاث المقبلة، نتوقع تأثيرًا كبيرًا لعدد من الخدمات والحلول: حلول مؤسسية معززة بالذكاء الاصطناعي تحسن سير العمل وتدعم اتخاذ القرار وترفع الكفاءة التشغيلية في قطاعات مثل الخدمات المالية وسلاسل الإمداد وخدمة العملاء؛ وحلول أتمتة ذكية تقلل الأخطاء وتسرّع الإنتاجية وتحسن العمليات الأساسية مثل الإقفال المالي؛ ومنصات سحابة هجينة تشكل الأساس الذي يتيح للمؤسسات الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي بمرونة عالية ودون تعطيل الأنظمة القائمة.

 كيف تعمل IBM على بناء منظومة شراكات قوية داخل السوق، سواء مع المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص، لخدمة أهداف التنمية الرقمية؟

الشراكات هي جزء أساسي من فلسفتنا، إذ نعتمد على منظومة مفتوحة تجمع بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص وشركاء التكنولوجيا العالميين لخدمة أهداف التنمية الرقمية. فنحن نتعاون مع جهات حكومية مثل وزارة المالية في مشروع رقمنة مصلحة الضرائب، والهيئة المصرية العامة للبترول وعدد من الوزارات والهيئات المعنية بالتحول الرقمي، ومع شركاء تقنيين رائدين مثل SAP وAWS وغيرها لتقديم حلول متكاملة ومترابطة، إلى جانب العمل مع كبريات الشركات في قطاعات الطاقة والاتصالات والخدمات المالية. هذا النموذج القائم على الشراكات يتيح توحيد الرؤى، وتسريع تنفيذ المشروعات، وضمان أن تكون الحلول المقدمة قابلة للتوسع ومستندة إلى أفضل الممارسات العالمية ومتكيفة مع احتياجات السوق المحلي.

تلعب البيانات دورًا محوريًا في نجاح التحول الرقمي… كيف تساعد IBM المؤسسات في إدارة وتحليل بياناتها بفعالية أكبر؟

نركز في IBM على مساعدة المؤسسات في إدارة وتحليل بياناتها بكفاءة أعلى وتحويلها إلى أصول استراتيجية تدعم اتخاذ القرار. وتشير دراسات IBM Institute for Business Value إلى أن 70%  من المؤسسات عالية الأداء تمتلك بنية بيانات موحدة على مستوى المؤسسة، وهو ما يؤكد أن توحيد البيانات لم يعد خيارًا بل شرطًا لتحقيق قيمة حقيقية من الاستثمارات الرقمية.

وبناءً على ذلك، نقوم في IBM بتطوير منصات بيانات مركزية موحدة تجمع البيانات من الأنظمة المختلفة داخل بيئة واحدة قابلة للتحليل، مع تقديم حلول متخصصة في التحليلات التنبؤية ودعم اتخاذ القرار اللحظي، إلى جانب استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستخلاص رؤى معمّقة من البيانات.

وفي مشروع الهيئة المصرية العامة للبترول على سبيل المثال، ساعدنا في تعزيز وضوح البيانات عبر منظومة بيانات موحدة شاملة، ما أسهم بشكل مباشر في تسريع اتخاذ القرار وتحسين الأداء التشغيلي على مستوى القطاع.

ما تقييمكم لمستوى جاهزية الكوادر المصرية لاستيعاب التقنيات الحديثة؟ وهل لدى IBM برامج خاصة لبناء القدرات ورفع المهارات الرقمية؟

نرى أن الكوادر المصرية تمتلك قاعدة قوية من الكفاءة والقدرة على التعلم، لكنها تحتاج إلى دعم مستمر في تطوير المهارات الرقمية لمواكبة سرعة تطور التكنولوجيا. كما نعمل بالتعاون مع شركاء مثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وجامعات أكاديميين على مبادرات تتضمن منصة IBM SkillsBuild لبناء القدرات الرقمية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، والأتمتة والذكاء الاصطناعي، بما يرفع جاهزية الكوادر المصرية لمتطلبات اقتصاد رقمي متسارع التغير. وتعد هذه المبادرات جزء من التزام IBM العالمي  بتزويد 30 مليون شخص من جميع الأعمار بالمهارات اللازمة لوظائف المستقبل بحلول عام 2030.

الأمن السيبراني أصبح من أهم أولويات المؤسسات… كيف تُدمج IBM عناصر الحماية المتقدمة داخل حلولها التحولية؟

تدمج IBM عناصر الحماية المتقدمة من خلال اعتمادها على منصة السحابة الهجينة المفتوحة، التي تُعد الأساس لعمليات التحول الرقمي السريعة والآمنة لدى أكثر من 4,000 مؤسسة حكومية وشركات في قطاعات حساسة مثل الخدمات المالية والاتصالات والرعاية الصحية. ومن خلال Red Hat OpenShift، تتيح IBM للعملاء خيارات مفتوحة ومرنة تمكنهم من إدارة بياناتهم بكفاءة واستخلاص رؤى دقيقة تُسهم في تعزيز القرارات وحماية البيئات التشغيلية.

كما تعزز IBM حلولها بالابتكارات الرائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والحلول السحابية المتخصصة، مما يوفر إطارًا متكاملاً يجمع بين السرعة والمرونة والموثوقية. ويأتي هذا كله مدعومًا بالتزام IBM العميق بالثقة والشفافية والمسؤولية والشمولية، لضمان أن تكون كل رحلة تحول رقمي قائمة على أسس أمنية قوية تحمي البيانات والعمليات وتدعم استدامة الأعمال.

 هناك حديث متزايد عن الحوسبة الهجينة (Hybrid Cloud)… كيف تتعامل IBM مع هذا التوجه؟ وما فائدته للسوق المصري تحديدًا؟

في وقت تتسارع فيه متطلبات الأعمال وتتزايد فيه الحاجة إلى نظم أكثر مرونة واستدامة، أصبحت الحوسبة الهجينة الركيزة التي تعتمد عليها المؤسسات لتحقيق التوازن بين الابتكار وحماية الاستثمارات التقنية المتاحة. فالنموذج الهجين لا يمنح المؤسسات القدرة على التحرك بسرعة فحسب، بل يمكّنها أيضًا من تشغيل وتنظيم أعمالها عبر بيئات متعددة، من مراكز البيانات إلى السحابة، بشكل متكامل وآمن، مما يضمن جاهزيتها لتبني التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة دون تعقيد أو تعطيل. في IBM نساعد المؤسسات على بناء بيئات هجينة تربط بين البنية التحتية الحالية والسحابات العامة والخاصة بالاستفادة من منصة Red Hat OpenShift التي تتيح قابلية التشغيل عبر أي بيئة، مما يوفر مرونة عالية في التشغيل دون الحاجة لإعادة بناء الأنظمة من الصفر، ويضمن تكاملًا سلسًا بين البيانات المخزنة محليًا وتلك الموجودة على السحابة.

وفي السوق المصري تحديدًا، تكتسب الحوسبة الهجينة أهمية خاصة لعدة أسباب؛ أبرزها وجود مزيج من الأنظمة القديمة والحديثة، والحاجة إلى الامتثال التنظيمي المحلي عبر الاحتفاظ بالبيانات داخل مناطق محددة، مع تعزيز الابتكار وضبط التكلفة من خلال الاستفادة من أحدث الأدوات الرقمية دون التفريط في الاستثمارات الحالية في البنية التحتية. كما تدعم الحوسبة الهجينة جهود مصر نحو التحول الرقمي من خلال تمكين القطاعات الحيوية – مثل الطاقة والمالية والاتصالات – من بناء منصات تشغيل مرنة وقابلة للتوسع، وهو عنصر أساسي لتحقيق رؤية الدولة نحو اقتصاد رقمي متكامل.

 ما القطاعات التي ترون أنها الأسرع نموًا من حيث تبني التكنولوجيا الحديثة؟ وما الأمثلة الأكثر تميزًا لنجاحات IBM فيها؟

أصبحت التكنولوجيا اليوم عاملًا حاسمًا في قدرة أي قطاع على النمو والاستدامة وتقديم قيمة أعلى للعملاء. فالتقنيات الرقمية باتت تمثّل البنية الأساسية التي تعتمد عليها المؤسسات لتسريع الابتكار وتحسين كفاءة التشغيل وضمان جاهزيتها لمتطلبات السوق المتغيرة. ومن خلال خبراتنا في IBM، نرى أن بعض القطاعات تتقدم بوتيرة أسرع في هذا المسار، وهو ما يظهر بوضوح في نتائج المشاريع التي ننفذها على أرض الواقع.

ويأتي قطاع الطاقة في مقدمة هذه القطاعات، حيث يشهد تحولات جوهرية مدفوعة بمشروعات كبرى مثل ما ننفذه مع الهيئة المصرية العامة للبترول وإنبي لتوسيع تطبيقات SAP وربط الشركات التابعة بمنصة تشغيل موحدة تخدم آلاف المستخدمين وتُحسّن وضوح البيانات وتسّـرع اتخاذ القرار، وهو ما يجعل هذا المشروع واحدًا من أكبر مشروعات التحول الرقمي في قطاع الطاقة بمصر خلال السنوات الأخيرة. ويأتي بعد ذلك القطاع المالي والمصرفي الذي يشهد توسعًا واضحًا في الأتمتة والذكاء الاصطناعي والاعتماد على السحابة الهجينة لتحسين تجربة العملاء ورفع كفاءة العمليات. كما يشهد قطاع التجزئة والخدمات اللوجستية تطورًا ملحوظًا في تطوير سلاسل الإمداد وربط الأنظمة القديمة بمنصات رقمية قائمة على التحليلات المتقدمة، ومن أمثلة ذلك تعاوننا في الامارات مع مجموعة الفطيم للسيارات حيث قمنا بترحيل ملياري سجل في أقل من 48 ساعة، مما وفر حتى 10 أيام من التوقف التشغيلي. أما القطاع الحكومي، فيتجه بقوة نحو رقمنة الخدمات وتعزيز كفاءة إدارة البيانات، مع اهتمام متزايد باستخدام الأتمتة الذكية والمنصات المشتركة بين الجهات الحكومية لتحسين خدمات المواطنين.

 في ضوء خبراتكم الطويلة، ما رؤيتكم لمستقبل التحول الرقمي في مصر؟ وما الخطوات التي يجب التركيز عليها لضمان استدامة التطور؟

نؤمن أن مستقبل التحول الرقمي في مصر واعد للغاية، خاصةً في ظل التزام الدولة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاع الخاص بتبني بنية تحتية ذكية، وتطوير الأطر التشريعية الرقمية، والاستثمار في الكوادر البشرية. ونتوقع أن تتسم المرحلة المقبلة بعدد من التوجهات الرئيسية أبرزها توسع كبير في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي المؤسسي ليصبح عنصرًا أساسيًا في دعم القطاعات الحيوية مثل الطاقة والرعاية الصحية والخدمات الحكومية والخدمات المالية؛ وتعزيز السحابة الهجينة باعتبارها بنية رقمية تتيح دمج الأنظمة القديمة والجديدة بشكل تدريجي وفعال دون تعطيل العمليات؛ إلى جانب التركيز على تطوير مهارات الكوادر المصرية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، والأتمتة.

أطلقت IBM وAWS أول مركز ابتكار مشترك في الرياض لتعزيز التحول الرقمي بالسعودية، كيف يمكن لمصر الاستفادة من هذا المركز؟

يمثل المركز المشترك للابتكار الذي أطلقته IBM و AWSفي الرياض خطوة استراتيجية مهمة على مستوى المنطقة، إذ يتيح توفير حلول IBM المؤسسية، بما في ذلك حلول الذكاء الاصطناعي، عبر مراكز بيانات AWS داخل الشرق الأوسط، وهو ما يعزز سيادة البيانات والامتثال للمتطلبات المحلية. وبالنسبة لمصر، يفتح هذا التعاون آفاقًا واسعة للاستفادة من خبرات وأفضل ممارسات يتم تطويرها في المركز ونقلها إلى السوق المصري، بما يسهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاعات الحيوية من خلال الوصول إلى حلول متقدمة قريبة جغرافيًا من المستخدمين والبيانات. كما يوفر هذا التوجه فرصًا لتكامل إقليمي في مشروعات مشتركة بين مصر ودول الخليج، بما يعزز مكانة مصر في منظومة الاقتصاد الرقمي الإقليمي ويخلق جسور تعاون جديدة في مجالات الابتكار والتحول الرقمي.

 

 

Exit mobile version