أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً سلط خلاله الضوء على معدن الكوارتز، وأهم الصناعات التي يدخل فيها، والدول الفاعلة في تصديره واستيراده، بالإضافة إلى التطرق للتجارة الخارجية لمصر فيما يتعلق بمعدن الكوارتز، والجهود المبذولة لاستغلال هذا المعدن.
أشار التقرير إلى أن الكوارتز هو مركب كيميائي، يتكون من ثاني أكسيد السيليكون (SiO2)، وهو عبارة عن جزء واحد من السيليكون وجزءين من الأكسجين، ويُعد من أكثر المعادن وفرة على سطح الأرض،
وقد استعرض التقرير الصناعات التي يدخل الكوارتز في العديد منها؛ نظرًا لخصائصه الفريدة التي يتميز بها، وفيما يلي أهم هذه الصناعات:
– صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات: حيث تُستخدَم بلورات الكوارتز في الإلكترونيات؛ نظرًا لكونها تولد تيارًا على سطحها وذلك في حالة ثنيها أو ضغطها، كما يتم استخدام بلورات الكوارتز لإعطاء تردد دقيق لكل أجهزة الإرسال اللاسلكية، وأجهزة التلفاز والراديو، بالإضافة إلى أجهزة الحاسب الآلي، وأجهزة إرسال (GPS). وترجع هذه الدقة إلى عدم تأثر بلورة الكوارتز بمعظم المذيبات، حيث إنها تبقى متبلورة في ظل درجات الحرارة المرتفعة. كما أن هناك ما يُعرف بـ “البلورات الاصطناعية”، ويتم إنتاجها بشكل مصطنع من خلال إذابة ثنائي السيليكون الخام في محلول ماء قلوي عند درجة حرارة عالية. وتُستخدم هذه البلورات أيضًا في صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات وأيضًا الطاقة الشمسية، والأقراص الضوئية وأدوات الطباعة الحجرية، وغيرها.
هذا بالإضافة إلى العديد من الصناعات الأخرى، مثل صناعة صب المعادن، وصناعة السيراميك، وأسطح المطابخ، وغيرها.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن القيمة السوقية لسوق الكوارتز تُقدر بنحو 7.02 مليارات دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 8.62 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2028، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.19٪ خلال الفترة (2023-2028).
وتجدر الإشارة إلى أن جائحة كوفيد-19 أثرت سلبًا على صناعة الكوارتز، حيث تم إيقاف العديد من سلاسل التوريد في العديد من الصناعات بمختلف دول العالم، وهو ما أثر بدوره على بعض الصناعات، مثل: الإلكترونيات وأشباه الموصلات والبناء والتشييد والسيارات، وهذه الصناعات تعتمد بدورها على الكوارتز، وبالتالي تراجع الطلب على الكوارتز أثناء الجائحة، وعلى الرغم من زيادة الطلب على الكوارتز في صناعات أخرى مثل الطاقة الشمسية، فإنه لم يعوض التراجع الذي حدث في الصناعات الأخرى التي يدخل الكوارتز في تصنيعها. ومع عودة النشاط الاقتصادي مرة أخرى تعافت سوق صناعة الكوارتز، وبالتالي الصناعات التي يدخل فيها.
وأكد التقرير أن الكوارتز يدخل في صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات، بسبب المرونة العالية التي يتمتع بها، والذبذبات الدقيقة التي تُستخدم لإعطاء تردد عالٍ لجميع أجهزة الإرسال، لذا فإنه من المتوقع أن يرتفع الطلب عليه نظرًا لزيادة الطلب على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر، هذا بالإضافة إلى استخدام بلورة الكوارتز كمذبذب في أجهزة الراديو والساعات ومقاييس الضغط. كما يستخدم كريستال الكوارتز في صنع مرشحات التردد وأدوات التحكم في التردد وأجهزة ضبط الوقت في الدوائر الإلكترونية لمختلف المنتجات.
ومن المتوقع أن تساهم التقنيات الرقمية، مثل إنترنت الأشياء، وتقنيات الاتصالات الحديثة، مثل الجيل الخامس، في تطوير المنتجات الإلكترونية، وقد ارتفعت إيرادات المنتجات الإلكترونية عالميًّا لتبلغ نحو 3.4 تريليونات دولار أمريكي عام 2022، مقارنة بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي عام 2020، كما من المتوقع أن يبلغ نحو 3.5 تريليونات دولار عام 2023.
وأشار التقرير إلى أهم الجهود المبذولة لتنمية صناعة الكوارتز في مصر، حيث تُعد مصر من أكبر دول العالم التي تمتلك مخزونًا ضخمًا من الكوارتز، كما أنه يتميز بنسبة نقائه العالي التي تصل إلى 99.9%، مما يجعله يتمتع بمزايا تنافسية عالية على المستوى العالمي، وتتبنى مصر في الوقت الراهن استراتيجية توطين الصناعة المصرية، التي يتم من خلالها دعم الصناعة المحلية وتنميتها، وفي هذا الإطار حرصت القيادة السياسية على توطين صناعة الكوارتز في مصر، وذلك بدلًا من تصديره كمادة خام.
ففي البداية كانت مصر تقوم بتصدير الكوارتز في شكله الأولي كمادة خام دون إجراء أية عمليات تصنيع عليه، ثم استيراده بعد إعادة تصنيعه؛ نظرًا لدخوله في العديد من الصناعات، إلى أن تقرر في عام 2020 إنشاء أكبر مجمع صناعي في إفريقيا والشرق الأوسط لاستغلال هذا المخزون والاستفادة من القيمة المضافة من تصنيع الكوارتز، وفي مايو 2023، تم بالفعل افتتاح مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة في محافظة السويس.
وذكر التقرير أن مجمع مصانع الكوارتز يتكون من 5 مصانع، مصنع التكسير الأولي لخام الكوارتز بمرسى علم، وذلك لتكسير خام الكوارتز إلى أحجام صغيرة بمقاسات تصل من 3 سم إلى 5 سم، بالإضافة إلى أربعة مصانع أخرى بالعين السخنة، منها مصنع التكسير الرئيس لخام الكوارتز لتكسير الكوارتز إلى حبيبات أصغر، وذلك بعد إجراء عمليات الفصل الضوئي والغسيل، ومصنعين آخرين لطحن خام الكوارتز إلى حبيبات صغيرة للغاية وطبقًا للمواصفات المطلوبة لإدخالها في إنتاج ألواح الكوارتز، ويقوم هذا المشروع على استغلال خامات الكوارتز عالية الجودة من جبال البحر الأحمر، والتي تصل درجة نقائها إلى 99٪ في منجم في مرسى علم.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم الأخذ في الاعتبار عند إنشاء المجمع كل الإجراءات التي تضمن الحفاظ على البيئة والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بالمجمع، حيث تم استخدام الطاقة الكهربائية لتشغيل جميع معدات وخطوط الإنتاج، فيما عدا الغلايات التي تم تشغيلها بالاعتماد على الغاز الطبيعي، فضلًا عن إنشاء محطة تحلية مياه ومحطات إعادة تدوير المياه لتقليل الهدر من المياه. كما تم تشجير المناطق المحيطة بالمجمع للحفاظ على البيئة.
وأشار التقرير إلى أن القيمة الاقتصادية لمجمع مصانع إنتاج الكوارتز تكمن في عدم تصدير الكوارتز بشكله الأولي، والاعتماد على تصنيعه محليًّا للاستفادة من القيمة المضافة، والتي سيترتب عليها العديد من الفوائد الاقتصادية لمصر، نذكر منها ما يلي:
– إيقاف استيراد الكوارتز نتيجة لإنشاء هذا المجمع، وفتح أسواق للتصدير للخارج مما سيعمل على توفير العملة الصعبة.
– تلبية احتياجات السوق المحلية من الكوارتز، والاعتماد عليه في كثير من الصناعات، وتعظيم العائد منه وتحقيق القيمة المضافة وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني.
– توفير فرص عمل، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر في الصناعات التي يدخل الكوارتز في إنتاجها، وبالتالي خفض معدل البطالة.