في عصرنا الحالي، حيث تقود التكنولوجيا تحولًا هائلًا في مختلف المجالات، يشهد قطاع الرعاية الصحية تحولًا رقميًا غير مسبوق. لم يعد هذا التحول مجرد تحسين لأساليب تقديم الخدمات الطبية، بل أصبح محركًا رئيسيًا لجذب الاستثمارات وتعزيز الابتكار، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر تطورًا في الصحة العامة.
وتشير التوقعات إلى أن حجم السوق العالمية للصحة الرقمية سيقفز من 181 مليار دولار في عام 2021 إلى 1.041 تريليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.6%. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تمثل ثورة حقيقية يقودها التحول الرقمي، حيث تتزايد أهمية الابتكارات مثل تطبيقات تتبع الصحة، والتطبيب عن بُعد، والطب الشخصي، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
ومما لاشك فيه أن القطاع الخاص يلعب دورًا حيويًا في دفع عجلة التحول الرقمي في الصحة. حيث نشهد اليوم استثمارات كبيرة من قبل المستثمرين الملائكيين وشركات رأس المال المغامر واستوديوهات الشركات الناشئة، وكلها تسعى للاستفادة من الفرص المتاحة في هذا المجال المزدهر. تمكن هذه الاستثمارات الشركات الناشئة في مجال الصحة الرقمية من تطوير حلول جديدة تلبي احتياجات السوق وتواجه تحدياته المتزايدة.
يتولى قطاع التحول الرقمي بوزارة الصحة دورًا رياديًا في وضع الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطوير بنية تحتية تكنولوجية قوية تدعم التطبيقات والحلول الرقمية المتقدمة. يشمل هذا الدور ضمان التواصل الفعال بين مختلف الهيئات والأنظمة الصحية، وتطبيق معايير الحماية والخصوصية وفقًا لمعايير HIPAA، مما يضمن أمان البيانات الصحية وحماية خصوصية المرضى.
ولا يخفي على الجميع أن التحول الرقمي في الصحة يتطلب تعاونًا وثيقًا بين مقدمي الحلول الرقمية ومقدمي خدمات الحوسبة السحابية لتوفير منصات مرنة وقابلة للتوسع تلبي احتياجات النظام الصحي. يلعب مقدمو الخدمات السحابية دورًا محوريًا في دعم البنية التحتية التكنولوجية من خلال تقديم حلول مبتكرة تتوافق مع أعلى معايير الأمان، مما يعزز من قدرة المؤسسات الصحية على تقديم خدمات متطورة بشكل آمن وفعال.
تتنوع الاستثمارات التي يمكن أن تسهم في دفع التحول الرقمي في قطاع الصحة، من الاستثمارات الملائكية التي تدعم الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، إلى رأس المال المغامر الذي يُضخ في الشركات التي أثبتت جدواها. تقدم البيئة الاستثمارية اليوم فرصًا متعددة لتحقيق عوائد مجزية، مع تأثير إيجابي على الصحة العامة.
الخاتمة
التحول الرقمي في قطاع الصحة ليس مجرد اتجاه عابر، بل هو استثمار في مستقبل الرعاية الصحية. ومع استمرار نمو هذا القطاع، يتعين على الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص العمل معًا لضمان استفادة الجميع من هذه الثورة الرقمية. مع تزايد الاستثمارات في التقنيات الصحية المبتكرة، سيكون للقطاع الخاص دور مركزي في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية.
بقلم / حسن السكري ، أحد خبراء الصحة الرقمية