في الآونة الأخيرة تزايد اهتمام وسائل الإعلام والمجتمع بما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، هذه المواقع تطورت خلال العقد الأخير لتصبح مصدراً رئيسياً للأخبار والمعلومات سواء من مصادرها الأصلية أو من المستخدمين العاديين الذين أستطاعوا أن يكونوا أكبر مزوّد للمحتوى المصور والمكتوب. جميع الصحف والقنوات والمواقع أصبحت ناقلة لمحتوى بدأ على صفحات التواصل الاجتماعي وأصبح نجاح القصص والأخبار صحفية يقاس بمدى انتشارها وتفاعلها على صفحات التواصل ذاتها.
يقول الدكتور أحمد كامل رئيس مجلس إدارة شركة إنوڤيشن للعلاقات العامة إن المحتوى الرقمي قد شهد طفرة ملحوظة منذ العام ٢٠١٠، مما دفع الجميع إلى انشاء حسابات رسمية لوسائل الإعلام المختلفة لتكون منفذا جديدا للوصول إلى الجمهور؛ وأيضاً قناة جديدة لاستقاء الأخبار والمعلومات. ولكن الخطورة جاءت من افتراض أن التوجه الذي يهتم به المزاج العام الناس هو “الترند” الذي تروج له إحصاءات تلك المواقع مما يقع تحت بند الاستسهال لأن قياس الرأي العام عملية أكثر تعقيداً من ترند أو هاشتاج أو عدد مشاركات لمقطع ما.
أضاف الدكتور كامل أن هناك بعض السلبيات التي ظهرت إلى جانب هذه الظاهرة حيث
حاولت العديد من الصفحات زحزحة وسائل الإعلام الكبرى والرسمية من مكانها كمصدر رئيسي للأخبار، معتبرة أنها أقدر وأسرع في نقل الخبر ولديها نفاذية مباشرة لملايين المستخدمين، وكان رد الفعل من جانب وسائل الإعلام بإنشاء صفحات موثقة ومحاولة انتزاع اهتمام الجمهور بأي طريقة في سبيل “الترافيك” المتحكم السحري في قيمة الإعلانات وبالتالي التمويل.
وشرح الدكتور أحمد كامل قائلاً “النتيجة كانت تطور ما نسميه جرائم الديسك”، موضحاً أن لجوء المسئولين عن المواقع الإخبارية إلى وضع عناوين إثارية بهدف استدراج الترافيك أدى إلى أزمات كبرى ومفتعلة مثلما حدث حينما نقل أحدهم على لسان إحدى الوزيرات أن “إعلان الإفلاس أحد الحلول لمشكلات مصر الاستثمارية” في حين كان المقصود هو القانون المنظم لعمليات إعلان الإفلاس وليس إعلان إفلاس مصر بالطبع! هناك الكثير من العناوين المماثلة تنتشر على صفحات التواصل، وكلها سيئة النية، وكلها تؤدي إلى ضعف المصداقية؛ الشيء الأسوأ أن هناك صفحات تقلد طريقة الصفحات الإخبارية في الكتابة وتضع اللوجو الخاص بها على أخبار كاذبة تماماً مما يساهم في إنهاء المصداقية.
واختتم كامل قائلاً أن أحد أهم الظواهر السلبية كانت تطور “اللجان الالكترونية” التي تعمل لإدارة عدد من الحسابات للهجوم على صفحات معينة أو خلق ترند معين أو تشويه واستهداف شخصيات أو أفكار محددة. هذه اللجان شهدت تطوراً كبيراً حتى وصلنا إلى ما يعرف ب “كليك فارمز” أو مزارع تحتوي على آلاف أو ملايين من الحسابات الغير حقيقية يتم استخدامهم لتسجيل الإعجاب أو عمل مشاركات أو زيادة المشاهدات وفِي أحيان أخرى تغيير نتائج التصويت والاستفتاءات الالكترونية التي يتم تنظيمها على الصفحات المختلفة.
قال الصحفي محمد فتحي، الخبير في الإعلام المجتمعي، ومدير المحتوى الرقمي في قناة Ten الفضائية، إنه لا يمكن على الإطلاق تقييم شعبية أو مزاج عام على أساس هاشتاج على تويتر سواء بالسلب أو بالإيجاب، الهاشتاج مجرد رقم أو مؤشر لرأي بعينه وجماعة بعينها في لحظة معينة من الممكن أن يتغير بمرور الوقت أو الأحداث ، حتى هذا الرقم قد يكون مدفوعا بأداة تكنولوجية ، حيث أن هناك برنامج يسمى “البوت” هو برنامج ينسق عمل مئات الحسابات الوهمية ليست لأشخاص حقيقة متفاعلة أو نشطة ويستخدمها في عملية نشر تغريدات بعينها مثل “الروبوت” عبر عشرات أو مئات أو حتى آلاف الحسابات المختلفة ليدفع بالهاشتاج إلى الأكثر استخدامًا بداية من آلفي تغريدة إلى مئات آلاف التغريدات في توقيت متزامن للدفع بالهاشتاج إلى حائط الأكثر تداولا.
أضاف أن هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى علينا النظر بتمعن أعداد حسابات تويتر بالأساس في مصر ، برغم أن شركة تويتر لا تكشف عدد حسابات تويتر في مصر إلا أن أعداد تويتر في منطقة الشرق الأوسط لا تتخطى 11 مليون حساب مع العلم أن السعودية وحدها بها أكثر من 5 ملايين متابع على الأقل، والهاشتاج لا يكتب عليه في حينه أكثر من 400 ألف حساب بحد أقصى ما يكشف عن مدى التأثير إذا ما اعتبرنا أنهم أشخاص حقيقية وليست حسابات وهمية.
وقال فتحي أنه مع الازدياد الكبير في استخدام الروبوت، انتقلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى مرحلة البحث عن سبل لمقاومة مثل هذه الوسائل، التي تشوش على الآراء، المسؤولون على فيسبوك وتويتر، باتوا يبحثون عن آليات للتصدي للتدخلات عبر البوتات خاصةً بعد التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، بهدف وقف التصرفات غير القانونية أو الأخلاقية لدى ممارسة التعبير عن الرأي.
وأشار إلى أن السنوات الأربع الأخيرة شهدت استخداما سياسيا واسعا للروبوت، كونه الوسيلة المثالية للحشد على مواقع التواصل المختلفة من خلال بث رسائل تلقائية لتوجيه وجهة نظر سياسية معينة، لافتا إلى أن استخدام البوت بدأ في المواقع الإلكترونية لشركات الطيران، من أجل خلق ردود آلية على المتصلين، ثم في الإعلانات التجارية والمتاجر العالمية، التي استبدلت موظفين بمجموعة من البوتات، وتزايدت منذ سنوات قليلة عملية استخدام البوت في دعم أفكار سياسية، كدعم بعض المرشحين للرئاسة من بينها الانتخابات الروسية والأمريكية والفرنسية، ويعمل البوت في هذا التوجه على دعم مرشحين للرئاسة، إلى جانب توسع استخدام البوتات بطريقة واضحة في الترويج لأفكار إرهابية ، وهو ما تعمل عليه تويتر بحذف الحسابات التي تحرض على تلك الأفكار من الأساس.