Site icon ICT Business Magazine – أي سي تي بيزنس

د.محمد عبد العليم يكتب: الحوسبة السحابية ونظرة إلى الأفق في 2021

د.محمد عبد العليم

 مما لا شك فيه أن النمو المتزايد في حجم الأعمال واتجاهاتها عالمياً، إلى جانب ما مرت به البشرية في جائحة كورونا عام2020 يصاحبه مزيد من الاعتماد على التكنولوجيا في المؤسسات والمزيد من التحول نحو الخدمات الرقمية في حياتنا اليومية. وهذا القدر من التغيير قد ظهر واضحاً في كل شيء بداية من عملية تتبع إتصال شخص مصاب بفيروس (كوفيد19) بأشخاص آخرين، إلى خدمات التوصيل للمنازل، حتى الوصول للألعاب على الإنترنت والعمل عن بعد من المنزل. ولعل هذا التغيير فى إتجاهات الأعمال ونمط الحياة اليومى هو الحافز لقيادات تكنولوجيا المعلومات على إعداد أنفسهم بشكل أفضل للتطلعات المتزايدة التي يجب على التكنولوجيا تحقيقها.

وبنظرة أكثر عمقاً نجد أن هذه التغيرات على المستوى التكنولوجى قد تحققت بفضل العديد من الخدمات السحابية في المقام الأول، إلى جانب تكنولوجيا أخرى مثل الذكاء الإصطناعى (AI) ، وإنترنت الأشياء (IoT)، وغيرها. ولكن الجائحة وما ترتب عليها وحاجة الأعمال المستمرة لتحقيق المكاسب الاقتصادية هو ما يثير التساؤل عن إتجاهات الحوسبة السحابية وخدماتها في عام 2021، ومردود ذلك على المؤسسات، وعلى الخدمات الرقمية في الحياة اليومية.

وأول الاتجاهات هو تطور إدارة البيانات وتشغيل التطبيقات السحابية والاعتماد على المنصات السحابية العامة (Public Cloud Platforms) بعد تعديلها إلى وحدات خدمات مصغرة (Micro Services) إلى جانب إستخدام الحاويات (Containers)، وهو ما يحتم على المؤسسات أن تعيد تقييم تصميمات تطبيقاتها لتحديد جاهزيتها لهذا التحول، ومن المتوقع أن يتزايد الإعتماد على البرمجيات كخدمة (Software as a Service) للحصول على خدمات التطبيقات عن طريق أكثر من مقدم خدمات سحابية في نفس الوقت وحسبما أشار تقرير (Uptime Institute) أن نسبة تقارب 50% من تشغيل التطبيقات في عام 2021 سيكون من خلال مراكز بيانات غير تابعة للمؤسسات ممثلة في منصات الحوسبة السحابية.

الإتجاه الثانى نمو إستخدام نموذج السحابة الهجين (Hybrid Cloud) أو المتعددة (Multi Cloud) في غالبية المؤسسات بغرض تحقيق الإدارة الملائمة للبيانات حسب تصنيفها، لحاجة كل تصنيف لنموذج سحابة مناسب حيث يفرض تصنيف البيانات السرية إستخدام السحابة الخاصة، أما السحابة العامة فتستخدم مع البيانات العامة أو أقل حساسية. ومع إضافة المزيد من متطلبات أمن وخصوصية البيانات تظهر احتمالية الاعتماد على أكثر من مقدم خدمة سحابية. وهو ما أكده (تقرير جارتنر أنه في عام 2021 ستعتمد نسبة 75% من مؤسسات الأعمال المتوسطة والكبيرة على أكثر من مقدم خدمة أو تستخدم نموذج السحابة الهجين). ومن المرجح أن يكون ذلك بغرض التأكد من تحقق كل معايير الإلتزام بالمتطلبات السابقة إن لم يكن تحقيقها ممكناً عن طريق مقدم خدمة واحد، إلى جانب تلافى الإعتماد على مقدم خدمة واحد وما يتبعه من إلزام للمؤسسات أن تتعامل معه فقط وإتاحة إمكانية التخارج أو فسخ التعاقد في أي وقت.

الإتجاه الثالث إنهيار الحواجز بين مقدمى الخدمات السحابية بالرغم من أن غالبيتهم يتبعون سياسة متشابهة لمنصاتهم السحابية كمتاجر شاملة (One Stop Shop) تقدم كل الخدمات السحابية التي قد تحتاجها المؤسسات. ولكن إتجاه صناعة الحوسبة السحابية بالتزامن مع توجهات مؤسسات الأعمال يؤكد على ضرورة عمل مقدمى الخدمات السحابية على بناء جسور للربط بين المنصات المختلفة، لإتاحة مزيد من المرونة في التكامل وتبادل البيانات بين تطبيقات وأنظمة المؤسسات مع شركاء الأعمال أو سلاسل التوريد الخاصة بهم. وكما تذكر مجلة فوربس فان ذلك سيوفر مساحة أكثر للابتكار بين شركات الحلول الناشئة وإنشاء خدمات تبسط عملية التشغيل والتكامل بين المنصات السحابية العامة المختلفة.

الإتجاه الرابع تغير دور شركات الحلول إلى شركاء أعمال بما يقدمونه من حلول غير تقليدية تناسب احتياجات مؤسسات الأعمال بالاعتماد على تكنولوجيا تعمل على المنصات السحابية. وفى هذا السياق سيعمل مقدمى الخدمات السحابية على توفير البنية التحتية من سعات تخزينية، قدرات حاسوبية، وإمكانات الشبكات وغيرها من التقنيات مثل إدارة البيانات الضخمة، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، أو إنترنت الأشياء. بينما تركز شركات الحلول على تطوير الإبتكارات بالإستفادة من تلك التكنولوجيا لخدمة المؤسسات بتكلفة أقل وبمستوى مهارى أعلى كالمركبات ذاتية القيادة، إدارة المدن الذكية، وخرائط إنتشار الأوبئة وتأثيرها اللحظى على الأعمال. وبذلك تستمر المنصات السحابية في السماح لانتشار هذه المجموعة من الإبتكارات الثورية على نطاق أوسع فى مؤسسات الأعمال بجميع فئاتها ومجالاتها، مما يؤدي لزيادة معدلات التحول الرقمى وترتفع الإنتاجية والكفاءة المؤسسية.

الإتجاه الخامس زيادة إستخدام المنصات السحابية في الترفيه والألعاب، تماماً مثلما يحدث حالياً في الموسيقى وبث الفيديو. ليصبح الاعتماد على مكتبات الألعاب من المنصات السحابية واقعاً يمكن تحقيقه من خلال إشتراك شهرى. وهو ما يتبناه عمالقة صناعة الحوسبة السحابية مثل أمازون، مايكروسوفت، جوجل، وشركات مثل Sony وNvidia ومن المرجح أن تغرب شمس صناعة أجهزة الألعاب Xbox, Playstation  إذا ما عزف مستخدميها عن شراء النسخ الأحدث منها كل بضع سنوات، طالما كانت الألعاب السحابية متاحة وتقترب من المستوى الإحترافى الذى يحقق رضاهم.

الاتجاه السادس زيادة الإعتماد على أجهزة سطح المكتب السحابية (Virtual Cloud Desktops) مما يُمكن المؤسسات من الحصول لموظفيها على بيئة سطح مكتب متكاملة ومتطابقة ومحدثة، وبالتالي تكون التكلفة هي مقابل الإشتراكات والوقت الذي يقضيه الموظفين في العمل على أجهزتهم، مما يلغي تكلفة تحديثات الأجهزة كل بضع سنوات، مع التخلص من التكنولوجيا الغير مستخدمة. ولعل أشهر نماذج هذه الخدمة هي أجهزة جوجل Chromebook، وأمازون Workspaces، ومايكروسوفت Virtual Desktop services وجميعها تحقق مميزات عدة منها مركزية إدارة جميع الأجهزة وما يتبعه من تأكيد إلتزام جميع مستخدميها بالمتطلبات الأمنية للبيانات، مع تلافى وجود أجهزة مخزنة ولا يتم إستخدامها أو نقص الأجهزة في حالة إنضمام موظفين جدد غير مدرجين على خطط توسع المؤسسات. إلى جانب خفض الإستثمار في تراخيص التطبيقات لتحول النموذج من الامتلاك للدفع مقابل قدر الإستخدام.

إن إرادة المؤسسات لتنفيذ التحول الرقمى في جميع قطاعاتها وخدماتها هو ما سيُعجل بتحول كل التوقعات والتوجهات إلى حقائق تراها المؤسسات وتستطيع الافادة منها. وبالرغم من أن بعض هذه التوجهات قد بدأت تصير واقعاً تراه مؤسسات الأعمال، إلا أن البعض الآخر منها لا ينبغي النظر إليه كحتمية واقعة الحدوث في مدة زمنية محددة بل قد يعتمد تحققها على احتمالات واسعة المدى قد ترتبط بتطور أعمال المؤسسات، أو التغير في وتيرة الحياة اليومية.

مقالات ذات صلة

 

 

د/ محمد عبد العليم سعد

 إستشاري هندسة نظم المعلومات

Exit mobile version