د.هشام عبد الغفار يكتب لـ ICTBusiness: “كابيتر” ..المشكلة والحل
هناك فارق كبير بين أن تؤسس شركة لكي تكون شركة مليارية تحل مشكلة كبرى او تقدم تكنولوجيا اوً نموذج عمل جديد يغير حياة الناس وبين أن تؤسس شركة تقليدية تحل مشكلة تقليدية بصرف النظر عن كونها كبيرة أو متوسطة أو صغيرة SME
الشركة الملياربة معيار نجاحها الأول هو التوسع والاستيلاء علي الأسواق وقبول الملايين لنموذج عملها والإنفاق علي التوسع هو هدف أساسي لهذه الشركات للوصول الي اقتصاديات كمية تسمح بفرض الشروط والأسعار علي الاسواق ويحضرني هنا كلام (بيتر تيل) مؤسس (باي بال ) العظيم الذي يقول إن الشركات الناشئة الناجحة تسعي لاحتكار السوق لصالحها في أسرع وقت ومنع المنافسة هذه هي طبيعة هذه الشركات ومن ثم فهي تعتمد اساسا علي جولات الاستثمار المستمرة لتمويل نشاطها وتوسعاتها المستمرة وتعيين أفضل العناصر التي تمكنها من هذا التوسع ونضرب هنا المثل بشركة أمازون التي استمرت تخسر لمدة 15 عام وعلي الرغم من ذلك استمر المستثمرون في تمويلها حتي أصبحت تحتكر أسواق العالم كله وعندها تحولت إلى الربحية و أصبحت ماكينة ضخمة لتوليد الثروات حتي أصبح كل من ساهموا فيها من أغنى الأغنياء.
أما نموذج تأسيس الشركة التقليدية فلابد أن يعتمد علي توليد الأرباح بأقصي سرعة ممكنة حتي يستمر لأنه يعتمد علي رأسمال محدود مهما كان كبيرا والتوسع والإستيلاء علي حصص من الأسواق يكون بحساب وبالدرجة التي تسمح بها الأرباح مع التحوط المناسب ومن ثم تكبر هذا الشركات على فترات أطول كما تكون غالبا أكثر صلابة في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.
ولكل من هذان النموذجان كما نرى طرقًا مختلفة تماما في التأسيس كما أن لكل منهما مشكلات مختلفة تبرعان في حلها فالمشكلات التكنولوجية أو التي تعتمد علي التكنولوجيا في النمو يناسبها أكثر النموذج الأول أما المشكلات التجارية والصناعية التقليدية فيناسبها أكثر النموذج الثاني وتظهر المشكلات دائما في حالة الخلط بين النموذجين كما هو الحال في مشكلة (كابيتر) التي تصدت لحل مشكلة تقليدية في تجارة الجملة وإنشاء سلاسل التوزيع وهي مشكلة قديمة تلعب فيها التكنولوجيا دورا هامشيا وليس اساسيا و لهذا كان الأفضل لحل هذه المشكلة تأسيس شركة توزيع تقليدية تمنو بطريقة طبيعية علي فترات طويلة معتمدة علي رأسمالها و ارباحها فقط لاغير لكن محاولة حل هذه المشكلة بطريقة مليارية أدت كما رأينا الي ما حدث من إنهيار سريع للشركة مع امتناع المستثمرين عن الدخول في جولات تمويل جديدة واستمرار الخسائر الضخمة التي تراكمها الشركة يوميا نتيجة لضخامة حجم اعمالها وعدم قدرتها علي تحقيق ارباح
كيف يمكن تصور العالم دون جوجل وفيسبوك وواتساب وتسلا وسبيس اكس واوبر وغيرهم من الشركات المليارية التي غيرت الطريقة التي يعيش بها البشر تماما؟؟؟ و في نفس الوقت كيف يمكن تصور العالم دون شركات الطيران الكبري و مرسيدس و بي ام دبيلو وكوكاكولا و سيتي بنك و غيرهم من الشركات التقليدية التي أسست للتطور والتقدم الذي نستمتع به جميعا؟؟؟ العالم ببساطة يحتاج إلى هذان النوعان من الشركات وليس أحدهما أبدا بديلًا عن الآخر وعلي من يتصدي لحل المشكلات أن يُحسن الاختيار وعلي كل من يساهم أن يتمعن ايضا في النظر في تناسب المشكلة مع طريقة الحل وهذا هو الدرس الأهم الذي نخرج به جميعا أو هكذا اعتقد.
بقلم : د.هشام عبد الغفار، مؤسس صندوق ميناجوروس لرأسمال المخاطر