غابت المنافسة عن سوق النقل التشاركي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العامين الماضيين، وتحديدا منذ استحواذ أوبر على منافستها كريم Careem مقابل 3.1 مليار دولار في يناير 2020، إلى أن شهدت الأشهر الأخيرة ظهور لاعبين جديد في المنطقة مثل inDriver الروسية و Didiالصينية.
يقول أرسين تومسكي، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة inDriver التي دخلت مؤخرًا أسواق مصر والمغرب وتونس لفوربس الشرق الأوسط: “تتمتع منطقة الشرق الأوسط ببلدان ديناميكية للغاية مع عدد كبير من المقيمين الذين يستخدمون تطبيقات النقل التشاركي بانتظام”.
يتيح تطبيق مشاركة السيارات الروسي طريقة دفع جديد، بنموذج يسمح للمستخدمين بتحديد أجرة الركوب والاختيار من بين عروض أسعار مختلفة يضعها السائقون.
وبحسب الرئيس التنفيذي لـ inDriver فقد تمكنت شركته من الانتشار بفضل الخوارزميات المختلفة، ويلفت إلى أنّ “جميع خدمات نقل الركاب الأخرى في الشرق الأوسط تعمل وفقًا للمفهوم نفسه القائم على الخوارزمية، ما يجعل من الصعب جدًا عليهم تمييز أنفسهم عن المنافسين”.
تأسست inDriver مطلع عام 2012 خلال عطلة رأس السنة الجديدة عندما انخفضت درجات الحرارة إلى أقل من 45 درجة مئوية تحت الصفر في مدينة ياكوتسك السيبيرية في شرق روسيا، وضاعف سائقو سيارات الأجرة المحليون تكلفة الركوب في تلك الفترة، وردًا على ذلك، أنشأ سكان ياكوتسك مجموعة “سائقين مستقلين” على موقع شبكة اجتماعية روسية. يتذكر تومسكي: “نشر الناس طلبات ركوب وحددوا الأسعار التي كانوا على استعداد لدفعها، وقبل السائقون طلباتهم”.
في غضون ستة أشهر فقط، انضم أكثر من 60 ألف شخص إلى المجموعة. وبعد اكتساب قاعدة عملاء كبيرة، تم إنشاء تطبيق inDriver للهواتف النقالة ليحل محل المجموعة.
206 مليار دولار حجم سوق النقل التشاركي بحلول عام 2030
وحتى الأن، تم تنزيل التطبيق أكثر من 100 مليون مرة عبر 500 مدينة في 37 دولة، فيما أكمل سائقوها أكثر من مليار رحلة في مختلف أنحاء العالم. وجمعت الشركة، التي تتخذ من سيليكون فالي مقرًا لها، أكثر من 200 مليون دولار من مستثمرين أميركيين مثل Bond Capital و Insight Partners و General Catalyst، كما تخطط لجذب استثمارات جديدة لتسريع النمو. ويقدر تقييمها حاليًا بنحو 1.2 مليار دولار.
رغم توسّع الشركة محليا وعالميا ، تواجه inDriver منافسة شرسة من اوبر في وطنها الأم، حيث قامت الأخيرة بدمج أعمالها التجارية في روسيا والدول المجاورة مع شركة Yandex في عام 2018. كما أن التطبيق الصيني Didi، الذي تمتلك فيه Uber حصة تبلغ حوالي 13%، يتوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد أن تم إطلاقه في مصر في سبتمبر 2021.
على الصعيد العالمي، من المتوقع أن يصل سوق النقل الجماعي إلى 205.8 مليار دولار بحلول عام 2030، مقارنة بـقيمة 59.53 مليار دولار في عام 2020، وفقًا لدراسة أجرتها شركة Allied Market Research.
وتتوقع بيانات Statista أن تصل إيرادات قطاع سيارات الأجرة والنقل التشاركي إلى 376.8 مليار دولار بحلول عام 2025، مقارنة بـمبلغ 283.7 مليار دولار في عام 2017. وقد شجع هذا النمو المستثمرين على ضخ المزيد من رأس المال.
حصلت شركة Bolt الإستونية مؤخرًا على 677 مليون دولار من المستثمرين، بتقييم وصل إلى 4.5 مليار دولار. فيما تبحث العديد من الشركات الأخرى أيضًا للحصول على تمويل من أسواق المال، مثل شركة Ola الهندية وGrab السنغافورية.
بينما تستعد شركة SWVL الناشئة للنقل الجماعي ومقرها دبي للإدراج في بورصة ناسداك من خلال الاندماج مع شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الأميركية Queen’s Gambit Growth Capital في صفقة تقيّم الشركة بمبلغ 1.5 مليار دولار. لتصبح ثاني يونيكورن في قطاع النقل التشاركي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد Careem.
وتعتزم inDriver هي الأخرى اللجوء للإدراج في البورصة لتمويل توسعاتها، حيث يقول الرئيس التنفيذي “في مرحلة ما، نعتزم الاكتتاب العام”، دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.
خطط جني الأرباح
ولكن مع تدفق التمويل إلى النقل التشاركي، لا تزال العديد من الشركات تكافح لجني الأرباح. على سبيل المثال، تعرضت Grab لخسائر قدرها 988 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2021 وبلغ صافي خسارة Didi مبلغ 1.6 مليار دولار في عام 2020.
ولا تُعد inDriver استثناءً، حيث لم يصل حجم مبيعات الشركة إلى مستوى التوقعات بعد، “لا تزال عائدات inDriver غير عالية جدًا بسبب العمولات القليلة التي نحصل عليها”، كما يقول تومسكي. ومع ذلك، تدعي الشركة أن نموها يتضاعف سنويا. ومن أكثر أسواقها ربحية البرازيل والمكسيك وإندونيسيا وجنوب إفريقيا.
ولا تحقق inDriver إيرادات من العمليات داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأنها لا تفرض رسومًا بعد على السائقين، لكن هذه السياسة لن تدوم طويلًا، فبحسب تومسكي، ستحصل شركته في المستقبل “على أقل من 10% من قيمة الخدمة”، ويضيف: “نعتقد أنه سعر عادل يسمح للسائقين بكسب المزيد من المال. تصل عمولات المنافسين في العادة إلى 25%، وهي مبالغة وأمر غير عادل للسائقين.”
في حين أن الشركة الروسية لا تزال تخطو بعيدًا خلف Uber وشركتها التابعة Careem التي تعمل في أكثر من 100 مدينة في 14 دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان، إلا أن inDriver تخطط لتوسيع خدماتها في الأشهر المقبلة.
ويلفت تومسكي: “في الوقت الحالي، نخطط لإطلاق خدمتنا في 5 دول جديدة على الأقل في الشرق الأوسط”، لكنّه فضل عدم الإفصاح عن أسواق معينة.
ومع استمرار الشركة في النمو، يأمل تومسكي أيضًا في مساعدة المجتمعات المحرومة. يتحدث الرئيس التنفيذي عن نفسه قائلا “أنا شخص مهووس بالتكنولوجيا، مهندس برمجيات سابق من منطقة نائية في العالم، لم يكن لدي إمكانية الوصول إلى الاستثمارات أو المعرفة أو الشبكات الاجتماعية. وقصة inDriver هي قصة ريادة أعمال ذات تأثير إيجابي، وليست قصة حرق أموال المستثمرين”..
وبينما تحتدم المنافسة عالميًا، يقول تومسكي إنه يسعى لبناء واحدة من أكبر الشركات خارج حدود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين.
هذا الحوار نقلا عن فوربس الشرق الأوسط