ارتفع وعي العملاء والمستثمرين بضرورة أن تتحمل المؤسسات مسؤولية حماية الثغرات الرقمية المحتملة، مع انتشار الهجمات الرقمية التي تستهدف خطوط الطاقة ومحطات المياه والمصانع. وقد تُحدِث الجريمة الرقمية تأثيرًا بالغًا في الأعمال التجارية، لذلك يُعدّ الأمن الرقمي عاملًا أساسيًا في تحليل الاستثمارات التي تركز على العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
من المتوقع أن تنمو الاستثمارات التي تركز على العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات إلى 50 تريليون دولار بحلول العام 2025. وقد أصبحت هذه الاستثمارات التي تركز على العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات مكونًا رئيسًا في إعداد التقارير المالية في الشرق الأوسط، في ضوء شروع العديد من الشركات الإقليمية في رحلة للتكيّف مع معايير التقارير الدولية، كما بدأ اهتمامها يزداد في البحث في سبل تعزيز محافظ أصولها في هذا الصدد.
ويؤكّد الخبراء أن أهمية الحماية من التهديدات الرقمية لم تعد تقتصر على استمرارية الأعمال، وإنما تمتدّ لتشمل الحفاظ على البيئة وصحة الإنسان. لذلك يجب أن تتضمن برامج الاستثمارات التي تركز على العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات جوانب الأمن الرقمي من أجل تقليل أخطار تأثير الهجمات على الموظفين والمجتمع في مختلف المنظومات.
وقال عماد الحفار رئيس الخبراء التقنيين لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا لدى كاسبرسكي، إن أهمية تضمين الأمن الرقمي في برامج الحوكمة المؤسسية والبيئية والاجتماعية، تزداد عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية الحيوية، نظرًا لأن الهجمات الرقمية التي تصيب البنية التحتية “تُحدث تأثيرًا أشدّ من غيرها”.
وكانت أبحاث كاسبرسكي وجدت حدوث زيادة قدرها 45% خلال العام 2021، في الهجمات ببرمجيات التجسّس على أجهزة الحاسوب المستخدمة في نظم الرقابة الصناعية مقارنة بالعام 2020. وتؤكّد التقارير أن هجومًا رقميًا على إحدى محطات الطاقة أو منشآت النفط والغاز، مثلًا، قادر على إحداث تأثيرات غير مباشرة تمسّ جميع مكونات منظومة الاستثمارات التي تركز على العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
علاوة على ذلك، وجدت كاسبرسكي أن ما يقرب من ثلث المؤسسات على مستوى العالم (30%) تواجه مشكلات أمن تقنية تشغيلية كبيرة، فالحوادث فيها أربعة أضعاف المعدل والخسائر المادية أكبر بمرتين. ومن المرجح أيضًا أن تشهد هذه المؤسسات تعاظم أخطار الإنترنت لتصل إلى التهديدات الجسدية، كحدوث الإصابات والوفيات (أعلى من المعدل بخمس مرات)، والأضرار البيئية (أعلى بمرّتين ونصف).
من ناحيتها، قالت ماريا لوسيوكوفا رئيس قسم الاستدامة لدى كاسبرسكي، إن الأمن الرقمي بدأ يزداد أهمية لدى المؤسسات، مشيرة إلى أن الأمر لا ينحصر في الحماية من الهجمات التي تهدد استمرارية الأعمال وتضر بالسمعة، وإنما يمتدّ من منظور الحوكمة المؤسسية ليشمل حماية الأرواح والبيئة، لا سيما عندما تتعرض للهجوم نظم الرقابة الصناعية التي تتحكم بالبنى التحتية. وأضافت: “ستقع على قادة فرق الأمن الرقمي مسؤولية توثيق الممارسات الحالية ومعالجة المسائل المثيرة للقلق بالاعتماد على حلول أمنية قوية ذات نتائج قابلة للقياس، فقد ولّت الأيام التي كان يكفي فيها أن تُعلن المؤسسات عن “وجود” منظومة لتأمين الأمن الرقمي”.