في العام الماضي، تسلطت الأضواء على سبل الاتصال. لقد تعززت مرونتنا وعملنا على تسريع التحول الرقمي لتقديم الخدمات والموارد التي يحتاج إليها الناس خلال الفترة الأصعب في التاريخ الحديث. الآن، بينما نتطلع إلى مستقبل هجين، أصبح الاستثمار في سبل الاتصال أمرًا هامًا لتعزيز وتسريع وتيرة التقدم لكي نبني مستقبنا بشكل أفضل.
تعتبر سبل الاتصال حق من حقوق الإنسان على النحو الذي حددته الأمم المتحدة – حيث يعزز الوصول إلى الإنترنت من حقنا في الصحة والتعليم وحرية التجمع وحرية التعبير. لتحقيق مستقبل يضمن الوصول إلى سبل اتصال أفضل، من الضروري أن تصبح البنية التحتية الرقمية التي مكّنت من تحديد مواعيد المستشفيات، والتعليم التعليمي، والتمويل الشخصي للكثيرين، في متناول الجميع.
وكانت الشبكة ذات النطاق العريض (broadband) من أهم عوامل تقدمنا في المجال الرقمي. لقد شكلت الأساس للبنية التحتية الذكية ودعمت تطور العديد من سبل الاتصال. ومع ذلك، وفقًا للبنك الدولي، يمكن لـ 80 ٪ من المواطنين في الدول المتقدمة الاستفادة من الوصول إلى النطاق العريض، بينما يمكن فقط لـ 35٪ فقط من السكان في البلدان النامية الوصول إلى النطاق العريض.
وفي ظل وجود تفاوت كبير في إمكانية الوصول بين المناطق الريفية والحضرية حتى يومنا هذا، فإن ظهور الجيل الخامس يوفر توزيع عادل لسبل الاتصال للجميع.
يمكن أن تدعم تقنية الجيل الخامس وصول سكان الريف إلى الخدمات الطبية عن بعد، والتحكم في أنظمة الري الفعالة لتحسين إدارة المياه، وإحداث ثورة في نهج المستجيب الأول لحالات الطوارئ. من خلال الواقع المعزز الذي يدعم تقنية الجيل الخامس، يمكننا أيضًا الوصول لأبعاد جديدة في التصور ثلاثي الأبعاد، ودعم المنصات التي تعمل بتقنية سلسلة الكتل أو البلوكتشين للتحكم في الهوية، وتقديم المركبات ذاتية القيادة للأفراد في جميع مواقع العالم.
من خلال العمل التعاوني، يمكن للقطاعين العام والخاص على مستوى العالم مواجهة هذا التحدي، وتطوير البنى التحتية المحلية، وتقديم مستقبل أكثر عدلاً حيث يسهل الوصول إلى سبل الاتصال المختلفة. في الواقع، حققت مصر ودول الخليج بالفعل خطوات كبيرة في دفع الشمول الرقمي حيث ترتفع معدلات انتشار الإنترنت وتتعدد استراتيجيات ومبادرات التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص.
وتتبنى مصر بشكل رسمي استراتيجية واضحة لتقديم الخدمات الحكومية عبر نظام رقمي متكامل وهي استراتيجية ستؤدي عند اكتمالها إلى تسريع وتيرة دخول التقنيات الأخرى الجديدة وعلى رأسها نشر شبكات الجيل الخامس.
اتصال أفضل: ضرورة العمل
هناك فرصة للاستفادة مما تعلمناه حتى الآن – الحفاظ على الوتيرة المتسارعة للتحول الرقمي، وتعزيز مشاريع الاتصال المبتكرة التي تضع المواطنين في قلب هذا التقدم. من خلال تمكين المزيد من الأفراد من التواصل في ظل تطور المعلومات والاتصالات والخدمات، يمكن للبنية التحتية الرقمية أن تضيف من 1.5 تريليون دولار إلى 2 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي في السنوات المقبلة، مما يوضح قيمة الاستثمار الاستراتيجي في هذا المجال.
تواكب المنظمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا مستويات الاستثمار العالمية في أحدث التقنيات المتاحة في السوق، بما في ذلك حلول الحافة والذكاء الاصطناعي، وبعض الدول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تقدمت على الآخرين على مستوى العالم عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في تقنية الجيل الخامس، وفقًا لتقرير مؤشر التحول الرقمي لشركة دِل تكنولوجيز 2020.
ستكتسب الشركات التي تمهد الطريق لاستخدام تقنية الجيل الخامس بجانب التقنيات الناشئة، مثل الحوسبة المتطورة وتحليلات البيانات، ميزة تنافسية. سيكونون على استعداد لاغتنام الفرصة لتخصيص الخدمات بشكل فعال، والاستجابة لاحتياجات المستهلك القائمة على البيانات في الوقت الفعلي. وعند إطلاق سبل اتصال ذات زمن انتقال أقل، سيتغير مسار الصناعات وتزدهر. ستصل المصانع الذكية إلى كفاءات أكبر، وستصبح سلاسل التوريد أكثر شفافية وسيتطورنقل البضائع والأشخاص، كما سيزيد استخدام المركبات الآلية وشبكات السفر عالية السرعة. سيستخدم الواقع المختلط كطريقة قابلة للتطبيق لتدريب الموظفين عن بُعد – أو التعلم في الفصل الدراسي. كما سيتمكن الكثير من فئات المجتمع من العمل من المنزل في ظل وجود إمكانية وصول أفضل. هذه هي الابتكارات الموجودة في حاضرنا بالفعل – ولكن ماذا عن الابتكارات التي لم يتم تخيلها بعد؟
سيساعد التعافي القابل للتطوير والقائم على التكنولوجيا، والمبني على سبل الاتصال والاستفادة من أحدث الابتكارات على ضمان الاستفادة من الخطوات التي قطعناها خلال أزمة العام الماضي، وتقديم نتائج أفضل في مجالات الصحة والتعلم ونوعية الحياة. لدينا فرصة لإعادة بناء عالمنا وإعادة تخيله. وفي أي خطط هامة، سنجد بالطبع التحول الرقمي جزء لا يتجزأ منها وإذا تم توظيفه بشكل فعال، يمكن أن تكون التكنولوجيا عامل تمكين، مما يدعم طرق جديدة وفعالة للعمل وتفاعل العملاء وابتكار البيانات. حيث يمكن أن يسهل هذا إمكانات النمو في جميع المجالات ويخلق مستقبل أفضل لنا جميعًا.
بقلم /محمد أمين
نائب رئيس شركة “دِل تكنولوجيز” للحلول في منطقة الشرق الأوسط وروسيا وأفريقيا وتركيا