على الرغم من حالة الغموض والتقلب التي شهدها العام الماضي، فقد أحرزت مصر تقدما مطردا في رحلة التحول الرقمي من خلال تعزيز التكنولوجيا من أجل مكافحة الوباء وضمان استمرارية الأعمال. وهذا العام لا يختلف كثيرًا، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا أكثر أهمية في دفع الانتعاش الاقتصادي وتسريع أجندة التحول الرقمي للبلاد. وكجزء من إستراتيجية مصر لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2030 التي تقودها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تهدف الدولة إلى التحول إلى محور تنافسي عالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ظل التكنولوجيات الحديثة ومجتمع المعلومات الممكّن. في الواقع، بلغ سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر 93 مليار جنيه في عام 2019 وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ومع استمرار الدولة في المضي قدمًا بجهودها من أجل اقتصاد متنوع ورقمي، دعونا نلقي نظرة على التحولات الرئيسية التي من المتوقع أن تدفع نمو صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال العام المقبل.
- السحابة المختلطة في “الوضع الطبيعي الجديد“
ستصبح السحابة – بما في ذلك العديد من السحابات العامة والخاصة والحافة- الطريقة الافتراضية لممارسة الأعمال التجارية وستعمل على مواصلة تحديد تجربة تكنولوجيا المعلومات. كما أصبح التعاون السحابي مساهماً أساسياً في العمل عن بُعد لأنه يوفر للمؤسسات مزايا المرونة وإمكانية الوصول وقابلية التوسع. كما يلعب دورًا أساسيًا في تسهيل استمرارية الأعمال في كل من القطاعين العام والخاص، من خلال ضمان أنظمة تعاون سلسة قائمة على السحابة لبيئات العمل عن بُعد.
سيحصل مديرو تكنولوجيا المعلومات في مصر على عمليات نشر سحابية كجزء من خرائط الطريق الرقمية الخاصة بهم هذا العام، حيث من المتوقع استمرار العمل عن بُعد. ومن المقرر اعتماد الخدمات القائمة على السحب على نطاق واسع لتسريع خطة التحول الرقمي في الدولة.
- ستحدد تقنيات الحافة و إنترنت الأشياء وتحليلات البيانات المستقبل الرقمي للمدن
مع تقدم التكنولوجيا، تصبح البنية التحتية الرقمية ليس مجرد أداة أخرى تقدمها المدن ولكن قناة لربط المرافق والخدمات القائمة معًا من أجل تقديم مرافق جديدة ومبتكرة. لطالما كانت المدن المصرية مراكز اتصال، كما سنواصل رؤية الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه تكنولوجيات الحافة وإنترنت الأشياء في تمكين هذه المدن من التحول إلى مراكز للابتكار في عالم متنامي ومتواصل. علاوة علي ذلك، يتيح استخدام إنترنت الأشياء القدرة على ربط الأجهزة في أماكن مختلفة والوصول إليها من مكان واحد، كما يتيح تطوير عدد من التطبيقات التي تستخدم كميات هائلة ومتنوعة محتملة من البيانات التي تولدها هذه الموارد لتوفير خدمات جديدة للمواطنين والشركات والإدارات العامة.
بالإضافة إلى ذلك، في ظل زيادة اعتماد تكنولوجيا الجيل الخامس وانتشار الأجهزة المتصلة، تتطلع المؤسسات في كل صناعة الآن إلى تعريف تكنولوجيا الحافة كوسيلة لتحسين سرعة الحركة وتجارب العملاء. ستصبح القدرة على تحليل رؤى البيانات والتصرف بناءً عليها تحويلية كما ستوفر ميزة تنافسية لأولئك الذين يتبنونها. إن أجهزة الاستشعار المترابطة والذكية، التي تعمل من خلال تكنولوجيا الحافة، ستفسح المجال أمام قدرات جديدة ورؤى ثاقبة عبر الصناعات.
سيظل عالم التكنولوجيا يتطور، ولذلك، يجب تصميم منصة المدينة الرقمية لاستيعاب هذه التغيرات التكنولوجية والاستفادة منها باستمرار.
- الصناعات التي تحتضن الذكاء الاصطناعي (AI)
من المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي مساهماً رئيسياً في الناتج المحلي الإجمالي الرقمي لمصر، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة وراء تقدم العديد من القطاعات الرئيسية في البلاد. كما من المتوقع أن تعتمد العديد من الصناعات بدءًا من الرعاية الصحية إلى التصنيع، مستوى معينًا من الذكاء الاصطناعي لزيادة الكفاءة والأتمتة مع تشجيع النمو نحو الاحتياجات المستقبلية للسوق.
تُعد التقنيات المعرفية هي المجال الأسرع نموًا في الحوسبة الحديثة. حيث يتم الآن تعزيز التطبيقات التي كانت تتطلب ذكاءً بشريًا في السابق، بما في ذلك تحليلات البيانات والمعالجة المعقدة والنمذجة الإحصائية والتصورات من خلال خوارزميات التعلم الآلي القوية، مما يقلل الوقت بين الأفكار والنتائج. ومن المتوقع أن يتسارع هذا النمو مع تقدم الشركات في عصر البيانات اليوم.
- إعداد تكنولوجيا الجيل الخامس 5G لدعم الاتصال الرقمي في مصر
لقد قطعت مصر شوطًا طويلاً في دفع الاتصال الرقمي لمواطنيها حيث تتمتع الدولة بمعدل انتشار مرتفع للهاتف المحمول والإنترنت. فقد ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بمقدار 4.5 مليون مستخدم (8.1%) بين عامي 2020 و2021، حيث بلغ معدل انتشار الإنترنت 57.3% وفقاً لتقرير صادر عن شركة داتاريبورتال. وباعتبارها أول بنية تحتية للهاتف المحمول تم إنشاؤها في عصر السحابة، ستُعد تكنولوجيا الجيل الخامس 5G جزءًا لا غنى عنه لتمكين اتصال أقوى. لن يشهد العصر الجديد لشبكات الجيل الخامس الابتكارات التكنولوجية والابتكارات التشغيلية فحسب، بل سيشهد أيضًا ابتكارات نموذج الأعمال التي تؤدي إلى استهلاك الأجهزة والتطبيقات الذكية وتوليد البيانات على نحو لم يسبق له مثيل.
الخاتمة:
ومع استمرار عام 2021، ستصبح هذه التقنيات التحويلية محركات رئيسية للتقدم حيث تسعى مصر جاهدة لتحقيق أهداف استراتيجية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2030. كما سيواصل اعتماد هذه التقنيات والدفع نحو الشمول الرقمي تقديم حلول وفوائد فعالة للشركات والمواطنين والاقتصاد أثناء إعدادهم للمستقبل الرقمي.
بقلم : محمد طلعت
نائب الرئيس بشركة دل تكنولوجيز بمنطقة السعودية ومصر وليبيا وبلاد الشام