في السابع من أكتوبر الماضي لبيت دعوة كريمة للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لحضور مؤتمر قالوا وقتها أنه هام وسري للغاية إلى أن اتضحت الصورة وكان المؤتمر بخصوص طرح رخص الجيل الخامس على شركات الاتصالات الثلاث (اورنج ، فودافون ، إي اند مصر) وسبقتهن الشركة المصرية للاتصالات ليصبح إجمالي المبلغ المدفوع في رخص المحمول “بلا ترددات” 675 مليون دولار اميركي يتم دفعهم للخزانة العامة ، هذا كلام جميل ، فلوس جاية من بره واستثمارات أجنبية ، وقتها خرجت شاهرًا قلمي ومايكروفوني الذي سألت السادة الحضور عن الصفقة التي تمت في الخفاء حتى تقبل الشركات أو المستثمرين الأجانب دفع هذه القيمة في حين أنهم قبلها بشهور وأيام كانوا من أشد المعارضين وأكدوا وحلفوا بأغلظ الايمانات أنه الأفضل أن يطوروا البنية التحتية بدلا من الحصول على الجيل الخامس – وفقا لأحدهم-.
وخرج الجميع يضحكون ويقهقهون من طبيعة السؤال الذي يكشف بواطن الأمور وادعوا جميعا أنه لا صفقة ولا دياولوا وأنا كالعادة لسان حالي لم يصدق هذه الاجابة فبدبلوماسية شديدة لم اعتاد عليها ابتسمت ابتسامة صفراء ومر السؤال مرور الكرام كما مرت الإجابة ، وفي نفس الجلسة جاءت تصريحات نارية للرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات المهندس محمد شمروخ والذي اعطى من وقتها ضوءًا اخضرًا للشركات للبدء في التفكير في طريقة رفع الأسعار – وهو الامر الذي تم اليوم- وأكدها ايضا وشدد عليها في ندوة ساخنة دعيت لها الشركات خلال فعاليات Cairo ICT في الثامن عشر من نوفمبر الماضي ووقتها خرجت السوشيال ميديا تآن وتشتكي من تبعات هذا القرار .
في 2017 اضطر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لرفع أسعار خدمات الاتصالات خاصة الإنترنت بقرار حكومي من وزير الاتصالات وقتها المهندس ياسر القاضي وتم تحميل أعباء إضافية جديدة للمواطنين ممثلة في اجباره على دفع ضريبة القيمة المضافة التي كانت تتحملها عنه شركات الاتصالات لفترات طويلة إلا أن الشركات طفح بها الكيل وأثرت أن تدفع فقط اعباءها وأجبرت وقتها الحكومة في صفقة ترددات الجيل الرابع أن يتم تصحيح الاوضاع وهو ما تم وقتها .
وفي صبيحة اليوم الجمعة الموافق السادس من ديسمبر الحالي خرجت علينا الشركات الأربع جمعاء بقرار عنتري بتطبيق ارتفاع اسعارء خدمات الإنترنت بقيمة تتجاوز 30% وهذا قرار يأتي في إطار تصحيح الأوضاع وقبلها وسيقبلها المواطن الغلبان لأن ليس له مفر وليس له حول ولا قوة مابين قرارات حكومية مباغتة وشركات عاتية نجحت في استقطاب المستخدمين إليها بحيث لا يستطيع الاستغناء من قريب او بعيد عن خدمات الاتصالات او الإنترنت على مستوى الافراد وايضا على مستوى الشركات والمؤسسات التي ستضاعف لديهم ايضا اسعار التشغيل لتقوم هذه الشركات بدورها هي الاخرى برفع أسعار خدماتها ومنتجاتها ليظل المواطن هو أضعف نقطة في هذه المنظومة ، فهل سيتحمل المواطن دفع 675 مليون دولار مقابل تراخيص الجيل الخامس من جيبه الخاص تنفيذا لتعليمات الحكومة وضغطها على الشركات التي ضغطت بدورها على المواطنين ؟!
خلاصة القول في الوقت الذي تسعى فيه مصر للريادة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال إطلاق شبكات الجيل الخامس، يجب أن يتم ذلك بطريقة توازن بين التطور التكنولوجي وتحقيق العدالة الاجتماعية. فالعبء المالي لهذه الثورة التقنية يجب ألا يقع على كاهل المواطن وحده، بل يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة تستهدف تحسين الخدمات وتعزيز رفاهية الجميع دون استثناء.
مش كده ولا إإإإيه
بقلم/ محمد لطفي
رئيس تحرير مجلة ومنصة اي سي تي بيزنس
ورئيس شعبة صحفي الاتصالات بنقابة الصحفيين