مقالات

محمد لطفي يكتب: حريق سنترال رمسيس.. شهران من الصمت والانتظار

كانت عقارب الساعة تقترب من الخامسة إلا ربعًا مساء يوم الاثنين الموافق 7/7/2025، بعد يوم عمل شاق خرج خلاله الموظفون واحدًا تلو الآخر مع انتهاء مواعيد العمل الرسمية. تلك المواعيد – إلى جانب العناية الإلهية – ساعدت في تقليل الخسائر البشرية والمادية، وفق ما أكدت مصادر مطلعة.

واليوم، 7/9/2025، أي بعد مرور شهرين كاملين على حدث جلل شغل الشارع المصري والعالمي، وتناولته الصحافة المحلية والدولية، وأثار نقاشًا واسعًا بين محللي السوشيال ميديا: حريق سنترال رمسيس.

في قلب القاهرة، وعلى بُعد خطوات من ميدان رمسيس الصاخب، شبّ حريق هائل داخل واحد من أهم المرافق الحيوية للاتصالات في مصر. النيران التهمت الطوابق العليا، والدخان الأسود غطّى سماء المنطقة، فيما هرعت سيارات الإطفاء، ونقلت وسائل الإعلام الحدث لحظة بلحظة.. ثم؟ صمت مطبق.

مرّ أكثر من شهرين على الكارثة، ولم يصدر تقرير رسمي يكشف عن الأسباب أو حتى النتائج الأولية للتحقيقات. وكأن شيئًا لم يكن.

مركز أعصاب الاتصالات المصرية

سنترال رمسيس ليس مجرد مبنى قديم في وسط البلد؛ بل هو شريان أساسي لشبكة الاتصالات والإنترنت. وقد ظهر ذلك جليًا مع تعطل بعض الشبكات وإصابة خدمات الاتصالات بالشلل لفترة قصيرة، وهو ما تأثر به ملايين المشتركين. ومن المتوقع أن يوضح تقرير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عن الربع الثالث لعام 2025 (يوليو – أغسطس – سبتمبر) انعكاسات هذا الحادث على جودة الخدمة.

فالسنترال الذي خرج عن الخدمة تمر من خلاله آلاف الخطوط الهاتفية، ويعتمد عليه ملايين المستخدمين. أي هزة فيه، ولو بسيطة، تعني ارتباكًا واسعًا في خدمات حيوية: من البنوك الإلكترونية، إلى الشركات بمختلف أحجامها وقطاعاتها.

شهران من الغموض

لماذا لم تُعلن نتائج التحقيقات حتى الآن؟

الشارع المصري بات يضرب أخماسًا في أسداس عن سبب الحريق:

  • هناك من يرجّح أنه ماس كهربائي لم تتم السيطرة عليه سريعًا، فتفاقم الوضع وسط استغاثات 4 ضحايا كانوا داخل المبنى.
  • آخرون يتحدثون عن ضعف أنظمة الحماية داخل السنترال، والتي لم تكن على المستوى المطلوب وقت اندلاع الحريق.
  • بينما يرى البعض أن الحادث ربما كشف عن ثغرات خطيرة في البنية التحتية لا يريد أحد الاعتراف بها.
  • بل إن هناك من لم يستبعد فرضية هجوم سيبراني كان وراء اندلاع الكارثة.

التأثيرات غير المعلنة

رغم غياب البيانات الرسمية، إلا أن شكاوى المستخدمين خلال يوليو وأغسطس وسبتمبر تشير إلى زيادة ملحوظة في الأعطال وضعف الخدمة. وهو ما يثير تساؤلات حول استمرار آثار الحريق حتى وقت قريب.

فكيف نتحدث عن خطط التحول الرقمي العملاقة، بينما مرفق حيوي بهذا الحجم يتعرض لحريق ضخم، ولا يعرف المواطن شيئًا عن تفاصيله أو تداعياته؟

أسئلة بلا إجابات

  1. لماذا لم تُعلن أي نتائج حتى الآن؟
  2. من المسؤول عن غياب أنظمة وقاية حديثة في سنترال بهذا الحجم؟
  3. هل يمكن أن يتكرر المشهد في مواقع أخرى؟
  4. كيف نطمئن المستثمرين في قطاع الاتصالات إذا كان التعامل مع الأزمات يتم بهذا القدر من الغموض؟

وللحديث بقيه إن كان في العمر بقية

 

 

بقلم /محمد لطفي 

رئيس تحرير مجلة ومنصة اي سي تي بيزنس

رئيس شعبة صحفي الاتصالات بنقابة الصحفيين

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى