إن إدارة شركة واحدة كبرى ليس بالأمر الهيّن، فما بالنا بإدارة شركة على غرار راية القابضة للاستثمارات المالية، التي تضم 12 شركة تابعة تستثمر في 38 قطاعًا من قطاعات الأعمال وتدير أعمالها في مصر وخارجها في العديد من البلدان، أهمها السعودية، والإمارات، ونيجيريا، وتضم أكثر من 13 ألف موظف وتخدم عشرات الآلاف من العملاء داخل مصر وخارجها.
إنها مهمة يراها البعض مستحيلة، لكن المستحيل ليس في قاموس مدحت خليل، رئيس مجلس إدارة شركة راية القابضة للاستثمارات المالية، وربما يكون هذا أحد أهم أسباب نجاح راية في السوق منذ تأسيسها إلى اليوم.
تحدثت ICTBusiness مع مدحت خليل عن رحلة راية ومسيرتها وخططها المستقبلية في السطور التالية .
على مدار أكثر من 22 عام، نجحت راية في تأسيس شركات والدخول في قطاعات كثيرة منها النقل البري، والصناعات الغذائية، ومراكز الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والتمويل متناهي الصغر، والدفع الإلكتروني، والنقل الخفيف وغيرها من المجالات. إلا أن السنوات السبع الماضية والتي شهدت استقرارًا سياسيًا أعقبه استقرار اقتصادي كانت سنوات فارقة في تاريخ مصر وتاريخ راية.
أضاف أن مسيرة الشركة تتماشى مع الرؤى الطموحة التي تبذلها الدولة المصرية بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وتهيئة مناخ الاستثمار، ولفت أنظار الشركات العالمية والمحلية للسوق المصرية. وعلى وجه خاص، تواكب راية خطط الدولة المصرية بشأن التحول الرقمي باعتباره خيارًا استراتيجيًا لخدمة منظومة الأعمال، وبدأنا نلمس اهتمامًا فوق العادة بمشروعات قومية تهتم بالتكنولوجيا في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وغيرها.
وتأكيدًا على اتجاه راية للعمل جنبًا إلى جنب مع الدولة المصرية لتحقيق التحول الرقمي والدفع بالمجتمع اللا نقدي، أطلقت راية شركة أمان لتكنولوجيا الخدمات المالية غير المصرفية والمدفوعات الإلكترونية، التي تقدم حلولًا مالية متكاملة تعمل على التحول لمجتمع لا نقدي وتدعم الشمول مالي للفئات غير المشمولة بالخدمات المصرفية، مما ينعكس بالتبعية على تحسين حياة المواطنين.
وتواكب راية الرؤى الهادفة إلى تعزيز التجارة والتصدير في الداخل والخارج، ففي إطار اهتمام الدولة المصرية بالتجارة والتصدير، واصلت راية القابضة أنشطتها من خلال الخطة التوسعية التي بدأتها خلال السنوات القليلة الماضية شركة راية للتجارة والتوزيع في نيجيريا من خلال خدمات التوزيع والتجزئة وخدمات ما بعد البيع ، حيث تخدم راية للتجارة والتوزيع في نيجيريا حوالي 12000 عميل شهريًا.
كما تسهم راية للأغذية إسهامًا بارزًا في سوق الصادرات، وقد استهدفنا توسعات جديدة لمصنع راية للأغذية وطرحنا خطة لرفع الطاقة الإنتاجية بداية من النصف الثاني من 2021 بقيمة 10 ملايين جنيه، ونستهدف بذلك زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 10 آلاف طن سنويًا.
وأشار إلى أن نسبة صادرات راية للأغذية إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من يناير حتى مايو 2021 بلغت نحو 40%، بينما بلغت حصة الصين نحو 20%، وألمانيا نحو 20%، والسوق الخليجي نسبة 15%.
وأوضح أن الشركة بدأت خلال العام الجاري التركيز على السوق المحلي بطرح العديد من منتجات راية فودز، مع العلم أن أنشطة الشركة الأساسية تركّز حتى الآن على التصدير بنسبة تزيد عن 90%.
نعمل مع الحكومة في مشروعات التحول الرقمي
الاصلاحات الاقتصادية
وفي الوقت الذي استثمرت الحكومة خلال العام المالي 2020/2021 بنسبة كبيرة، على النحو الذي شجع القطاع الخاص على والاستمرار رغم التحديات التي واجهته إثر جائحة كورونا ، فقد ساهم نجاح الإصلاحات الاقتصادية في التخفيف من آثار جائحة كورونا. وساعدت السياسات التي انتهجتها مصر قبل الجائحة في تخفيف وطأة الأزمة، ومن أبرز تلك السياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي أطلقتها أطلقته الحكومة في عام 2016، في إطار “رؤية مصر 2030″، وقد ساهم التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح في تحسين جميع المؤشرات الاقتصادية.
وتخطط الشركة خلال العام الحالي للدخول في صناعات جديدة واستثمار بقيمة 400 مليون جنيه (25.5 مليون دولار) في 2021، كما تستهدف المساهمة في قطاع الصناعة بنحو 10% من إيراداتها في 2021.
وبينما تضخ راية استثمارات كبيرة في عدد من القطاعات، باعت حصصًا من شركاتها التابعة خلال عام 2021، بما يدر أرباح تخدم الخطة طويلة المدى، إذ باعت راية 24% من أسهم أمان جروب المتخصصة في المدفوعات الإلكترونية وخدمات مالية أخرى مقابل 480 مليون جنيه للبنك الأهلي المصري، وتخدم تلك الصفقة مساعي الشركة وخططها بوجود شريك مالي قوي معها ليستطيعا معًا ريادة هذا القطاع في مصر.
المدفوعات الإلكترونية
الكما تهدف راية إلى ريادة قطاع المدفوعات الإلكترونية في مصر خلال 2022، من خلال شركة أمان التابعة لها وتحقق نجاحًا باهرًا، فبنهاية هذا العام سنتجاوز المنافسين من خلال زيادة نقاط البيع التابعة لأمان للمدفوعات الإلكترونية من 100 ألف نقطة حاليا إلى نحو 150 ألف نقطة بنهاية العام وزيادة عدد الفروع من 250 فرعًا إلى نحو 400 فرع خلال عامين.
كما وقعت راية عقد بيع عدد 53.959 مليون سهم من أسهم شركة أسطول للنقل البري – وهي إحدى شركاتها التابعة – بما يمثل نسبة 62.3% من رأسمال الأخيرة لصالح شركة باراديم لوجيستكس المحدود بإجمالي قيمة 266.559 مليون جنيه، كما قامت أيضًا الشركة ببيع إحدى شركتها التابعة، بريق للصناعات المتطورة ش.م.م، لشركة إنترو لإدارة المخلفات وإعادة التدوير، بقيمة تزيد عن 490 مليون جنيه.
كما تضخ راية استثمارات كبيرة في قطاعات جديدة، إذ بدأت في التعاون مع مجموعة هاير العالمية Haier Group عبر استثمار يتخطى 200 مليون جنيه في مصنع جديد للمكيفات يعتمد على المكونات المحلية بنسبة 60%.
شراكة صينية
وتابع أن حجم إنتاج خط أجهزة التكييف 70 ألف جهاز سنويًا وسيزيد خلال عامين إلى 200 ألف جهاز سنويا، على أن يخصص 70 بالمئة من الإنتاج جنيها إلى التصدير خارج مصر، كما قررت راية مع شريكها الصيني الاتجاه نحو تصنيع شاشات التليفزيون بنسبة مكون محلي يبلغ 60%.
استثمرنا مع شركة هاير العالمية لتصنيع المكيفات والتليفزيونات في مصر
وأوضح مدحت خليل، أن شركة راية لتكنولوجيا المعلومات قامت خلال الأعوام القليلة الماضية بزيادة حجم أعمالها بشكل ملحوظ في قطاع الاتصالات والقطاع المصرفي عن طريق تنفيذ العديد من المشروعات الناجحة مع كافة شركات الاتصالات العاملة في السوق المصرية، فقد قمنا بتصميم وتنفيذ العديد من مشروعات تطوير وتحديث الشبكة، وزيادة القدرة الاستيعابية لشبكات الإنترنت ، وذلك إلى جانب ارتفاع معدلات نمونا في مشروعات الحلول الرقمية المصرفية، وبالفعل نفذنا عقود توريد وتشغيل لعدد كبير من الصرافات الآلية يصل إلى 3500 صراف اّلي، وهو ما رفع حصتنا السوقية لتبلغ إلى 45%.
ونعمل كذلك على تنفيذ مبادرة البنك المركزي المصري الهادفة إلى توسيع القاعدة الخدمية للصرافات الآلية بعدد 6500 صراف آلي، والوصول إلى المناطق الأكثر احتياجًا على مستوى الجمهورية ومما ترتب عليه قيام شركتنا بوضع خطة عمل لاستيعاب هذا العدد من الصرافات من زيادة مراكز الصيانة وإعداد المهندسين والعمالة البشرية اللازمة لتأمين التشغيل الأمثل لتلك الصرافات وكذلك العمل على ميكنة الأعمال والدورة المستندية مما يضمن أعلى مستوى من الخدمة.
خدمات تقنية
وأضاف خليل قائلًا: نقوم على تطوير البنية التحتية الرقمية من خلال راية لخدمات مراكز الاتصالات RCX، حيث نعمل على تقديم الخدمات التقنية بأعلى كفاءة ممكنة، إلى جانب الخدمات الصوتية العادية. وقد دفع ذلك بتقدّم هائل على صعيد إحصائيات الشركة التي تعكس مدى تطور الخدمات الرقمية، مما أهلها للحصول على العديد من الجوائز العالمية والإقليمية خلال 2021، منها تكريمًا عالميًا بإدراجها في قائمة TOP Global 100 التي تضم أفضل مقدمي خدمات التعهيد على مستوى العالم، وتنظمها الرابطة الدولية لمحترفي التعهيد – IAOP بالولايات المتحدة الأمريكية. ويمثل التكريم إنجازًا عالميًا يضاف إلى مسيرة نجاح الشركة ومسيرة عطائها في صناعة خدمات التعهيد بالعالم.
أوضح أن مصر بدأت تخطو خطوات واسعة لتصنيع السيارات الكهربائية بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص بهدف توطين هذه الصناعة وحماية البيئة من التأثيرات البيئية السلبية، وتنعكس القيمة المضافة في تحفيز شراء واستخدام السيارات الكهربائية إلى الحفاظ على البيئة وتوفير الوقود (المدعم)، مشيرًا إلى أن هناك عدد من المميزات نتيجة الاعتماد على المركبات الكهربائية تتمثل بالنسبة للمستهلك في توفير الوقود وانخفاض تكاليف الصيانة علاوة على تقليل تكلفة استيراد المواد البترولية بالنسبة للدولة بأرقام تصل إلى مليارات الجنيهات، وخلق صناعة جديدة محليًّا وخفض أسعار المركبات وفتح مزيد من المجالات لمحطات شحن كهربائية وتوفير فرص عمل جديدة.
وأكد على أن راية تعمل جنبً إلى جنب بالعمل على أهداف الدولة، فتماشيًا مع توجهات القيادة السياسية للدولة المصرية، حيث تتوافق استراتيجية الشركة مع اتجاهات الدولة والاتجاه العالمي في التحول من استخدام الوقود النمطي (بنزين، سولار) إلى الطاقة النظيفة مثل الكهرباء، ومن هذا المنطلق ضخت مجموعة راية استثمارات فاقت 200 مليون جنيه بمصنع راية أوتو لتجميع وسائل النقل الخفيف ومن ضمنها المركبات الكهربائية حيث أن الطاقة الإنتاجية الحالية لمصنع راية أوتو بمدينة السادس من أكتوبر تصل إلى 20 ألف مركبة سنويًا وهناك خطة طموحة لمضاعفة هذه الأعداد خلال العام المقبل، ويصل حجم الإنتاج الحالي للشركة 5000 مركبة، بينما يصل عدد العمالة المباشرة في المصنع إلى 80 عامل، وتصل نسبة التصنيع المحلي حسب القوانين المنظمة والمٌعلنة من وزارة الصناعة 45 % وحسب الخطة الموضوعة مع الوزارة فإنه من المتوقع مع نهاية عام 2021 أن نصل إلى النسبة المطلوبة.
أضاف أن الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت نقطة فاصلة في تاريخ مصر وحفزت الكثير من الشركات مثل راية على الاستمرار في السوق، بل وضخ المزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل كثيرة، علاوة على العمل على الاستقرار الاقتصادي ودفع الكثير من المستثمرين الأجانب إلى ضخ استثمارات في مصر.
وعن الاهتمام بالموظفين يقول خليل، تعمل شركة راية دائمًا على تشجيع المهارات الشابة، وذلك عن طريق برنامجها السنوي Rise الذي يتيح الفرصة للخريجين الجدد للتدريب في قطاعات الشركة المختلفة، ومن ثم يتم إجراء اختبارات تقييمية لهم بشكل مستمر للتأكد من اجتيازهم المهارات والحصول على الخبرة المرجوة من البرنامج؛ حتى يتم إلحاقهم للعمل بالشركة بعد انتهاء فترة التدريب، كما توفر الشركة الكثير من فرص الترقي والتدرج الوظيفي.
وعلى نحو آخر، نجحت شركة راية في خلق ثقافة تعمل على تشجيع العاملين لديها وعلى التطوير والتدريب المستمر لهم بما ينعكس على فرص أكبر للترقي أو التنقل للعمل بإحدى مجموعة شركات راية الأخرى عن طريق برنامج راية للتنقلات الداخلية بين قطاعاتها المختلفة.
مصر بدأت تخطو خطوات واسعة لتصنيع السيارات الكهربائية بهدف توطين تلك الصناعة وحماية البيئة من التأثيرات السلبية
ولا شك أن قطاع الموارد البشرية بالشركة يعد عصب شركة راية، وتبذل الشركة قصارى جهدها لإلحاق أفضل العناصر البشرية الشابة وأصحاب الخبرات ومتخذي القرار؛ للمساعدة في حفاظ الشركة على المستوى المرموق الذي وصلت له على مدار الـ 22 عامًا الماضية، بفضل التدريب المستمر والاهتمام بتوفير بيئة عمل مميزة لموظفيها.
ويقول خليل: يتمثل دور المسؤولية الاجتماعية في تشجيع إسهامات المؤسسات لتحقيق التنمية المستدامة؛ حيث ترتكز الرؤية الاستراتيجية للمسؤولية الاجتماعية في شركة راية القابضة للاستثمارات المالية على برامج تعزيز رأس المال البشري، من أجل إمداد الشباب بالمعارف والمهارات اللازمة التي تؤهّلهم لقيادة حِراك التنمية الصناعية، والاقتصادية، والمجتمعية.
وانطلاقًا من هذه الرؤية، تستند عملياتنا إلى ثلاثة أركان استراتيجية مترابطة؛ وهي: دعم أنشطة التنمية المجتمعية، لاسيما تنمية الشباب، وتشجيع مشاركة الموظفين وترسيخ العمل التطوعي، ونشر الوعي بالقضايا الأساسية التي تشملها مظلّة المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وتابع مدحت خليل أن الشركة قامت بالتعاون مع وزارة البيئة بمبادرة لإدارة المخلفات الإلكترونية من خلال إحدى شركاتها التابعة “شركة راية للتجارة والتوزيع”. ويتولّى مشروع إدارة المخلفات الإلكترونية التابع لوزارة البيئة تنفيذ تلك المبادرة، بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وبتمويل من مرفق البيئة العالمية.