أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً حول السياحة والسفر، حيث أشار إلى أن قطاع السياحة والسفر يعد من أكثر القطاعات تضررًا من جائحة كورونا؛ فقد عانى من خسارة تصل إلى 4.7 تريليونات دولار أمريكي في عام 2020، وقد انخفضت مساهمته إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2020 مقارنة بنحو 10.4% عام 2019 بسبب القيود المستمرة على التنقل، وانخفض إنفاق الزوار المحليين بنسبة 45%، بينما انخفض إنفاق الزوار الدوليين بنسبة غير مسبوقة بلغت 69.4% في عام 2020، كما تم فقدان 62 مليون وظيفة في قطاع السياحة عام 2020، ولا يزال خطر فقدان الوظائف قائمًا إلى أن يتم التعافي الكامل لقطاع السفر والسياحة.
وأضاف مركز المعلومات، في تحليله إلى أن القيود التي تم فرضها خلال الجائحة قد دفعت إلى التفكير في حلول مختلفة لمحاولة إنعاش قطاع السياحة؛ حيث تغيرت أنماط وتفضيلات الأفراد خلال الوباء، فقبل انتشار فيروس كورونا المستجد، كان استكشاف المدن المزدحمة والتجول في الأسواق الصاخبة وزيارة الأماكن السياحية المشهورة هي السمات المميزة لقضاء العطلات، ولكن انقلب الحال، فعالم ما بعد فيروس كورونا، أصبح فيه المسافرون أكثر إدراكًا لحاجتهم إلى السفر نحو وجهات تؤمن وتطبق مفهوم الحفاظ على ممارسات التباعد الاجتماعي، وكذلك يحتاج منظمو الرحلات إلى الإبداع من خلال تصميم مسارات رحلات تتجنب المناطق السياحية المزدحمة، والتركيز على المواقع النائية؛ حيث يقل احتمال اتصال المسافرين بالآخرين.
وقد كان الوباء عاملًا مساعدًا في سعي قطاع السفر والسياحة إلى الابتكار ودمج التقنيات الجديدة، بسبب قيود التنقل، وبقاء الأفراد في منازلهم، وتزايد الاعتماد على الخدمات الرقمية، وقد تم استخدام الواقع الافتراضي للترويج للسياحة خلال فترة الوباء، وهو عبارة عن صور تفاعلية ومقاطع فيديو تمكن المُشاهِد من استكشاف المَشهد بزاوية رؤية تبلغ 360 درجة، ويمكن استخدام الواقع الافتراضي في السياحة والسفر للتجول في الوجهات السياحية بطريقة فريدة؛ حيث يسمح باستكشاف أماكن جديدة دون السفر فعليًّا إلى هناك، كما يتيح للزائرين أيضًا تجربة الوجهات البعيدة، أو التي يصعب الوصول إليها، أو التي تحتاج إلى الحفاظ عليها.
كذلك بفضل الجولات الافتراضية، يمكن للأشخاص التحقق من الفنادق بمزيد من التفاصيل قبل الحجز، ويتبنى العديد من المنتجعات الراقية الآن الجولات الافتراضية كوسيلة لعرض مميزاتها ووسائل الراحة، ويمكن تجربة العديد من هذه الجولات باستخدام الهاتف الذكي أو الكمبيوتر فقط.
وقد ساعدت رحلات الواقع الافتراضي تشجيع الحجوزات؛ حيث يكون العميل أكثر ميلًا لحجز إجازة بمجرد تجربة الرحلات المتاحة عبر الواقع الافتراضي، فعلى سبيل المثال: جرب وكيل السفر البريطاني “توماس كوك” تجارب واقع افتراضي سمحت للعملاء بتجربة رحلات استكشافية مختلفة، بما في ذلك جولة بطائرة هليكوبتر في مانهاتن، ما أدى إلى زيادة بنسبة 190% في حجوزات إجازات نيويورك بعد أن جرب العملاء تجربة نيويورك VR التي مدتها خمس دقائق في المتجر، كما تم استخدام المنتزهات الوطنية مثل “يلوستون ” وأكثر من 2000 متحف من جميع أنحاء العالم، بالتعاون معGoogle Cultural Institute، عبر الإنترنت بالفعل من خلال الواقع الافتراضي، وكذلك بدأ العديد من سلاسل الفنادق والمطاعم وحتى شركات الطيران في مشاركة الوصفات الكلاسيكية عبر الإنترنت للتواصل مع المسافرين من خلال تذكيرهم بالمأكولات المفضلة، مثل: stroopwafels من United Airline.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أن هدف شركات السياحة من تقديم التجارب الافتراضية هو إعادة إلهام المسافرين، وإعادة تشغيل قطاع السياحة والسفر؛ حيث سيساعدهم الإلهام لاستكشاف وجهتهم بمجرد رفع قيود السفر، وقد دفع ظهور السياحة الافتراضية البعض إلى التكهن من إمكانية أن تحل محل السياحة الحقيقية، خاصة مع التطور الكبير الذي طرأ على تقنيات الواقع الافتراضي؛ إذ أعلنت -مؤخرًا- شركة فيسبوك عن “الميتافيرس” وهو مزيج من عناصر تقنية متعددة كالواقع الافتراضي والواقع المعزز والفيديوهات التي «يعيش» عبرها المستخدمون في عالم رقمي، فهو المكان الذي سيجتمع فيه العالَمان: المادي والرقمي. ويرى “مارك زوكربيرج” أن الميتافيرس قادر على الحلول محل إنترنت الهاتف المحمول؛ حيث سيتيح إنترنت أكثر تعمقًا وتجسيدًا، إذ سيستطيع المستخدمون الحضور في قلب التجربة، وليس مشاهدتها فقط، وذلك عبر سماعات الرأس Oculus VR من Facebook. إلا أنه لا يُمكن أن ينافس السفر الافتراضي أبدًا المشاهد والأصوات والروائح والأحاسيس التي تكون في مكان جديد، ولكن هناك بالتأكيد قيمة في أن نكون قادرين على استكشاف أجزاء من العالم افتراضيًّا للتحقق منها قبل أن نقرر ما إذا كنا سنسافر إلى هناك في الحياة الواقعية.
وفي إطار القيود التي كانت مفروضة على السفر وتوجه جميع الدول وشركاتها للترويج للسياحة عن طريق التكنولوجيا والواقع الافتراضي، فقد أطلقت وزارة السياحة والآثار في مصر منصة رقمية (Experience Egypt) للهيئة العامة لتنشيط السياحة في مصر، والتي تنظم عروضًا للأماكن الأثرية في مصر؛ لإتاحة بعض المواقع الأثرية والمتاحف لشعوب العالم، للاستمتاع بمشاهدة الحضارة المصرية القديمة خلال فترة بقائهم في المنازل ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس كورونا، فقد أطلقت الوزارة بالتعاون مع شركائها من المعاهد والمؤسسات العلمية والأثرية خدمة زيارات لبعض من هذه المواقع عبر الصفحات الرسمية للوزارة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر عدد من الزيارات الافتراضية لها أو شرح لبعض المتاحف من خلال المرشدين السياحيين المصريين، تحت شعار (Experience Egypt from Home).
وكانت أولى الجولات الافتراضية لمقبرة “مننا” وهي من أجمل مقابر النبلاء بالبر الغربي بمدينة الأقصر، والتي تعود إلى الأسرة الثامنة عشر، وتلا ذلك عدد من الزيارات الافتراضية منها زيارة مقبرة الملكة مرس عنخ الثالثة حفيدة الملك خوفو، صاحب الهرم الأكبر، وزيارة افتراضية للدير الأحمر بمحافظة سوهاج، وكذلك جولة افتراضية داخل مقبرة الملك رمسيس السادس، والتي بدأ إنشاؤها في عهد الملك رمسيس الخامس من الأسرة العشرين، وغيرها من الجولات الافتراضية للآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية، بالإضافة إلى زيارة افتراضية إلى معبد بن عزرا بشارع مار جرجس بمجمع الأديان بمصر القديمة.
وقد تم عمل جولة افتراضية استثنائية بقاعة توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير، التي تعرض جانب من كنوز توت عنخ آمون وعلى رأسها القناع الذهبي، أحد أيقونات الآثار المصرية وأكثرها شهرة حول العالم، وقاعة الفرعون الذهبي بالمتحف المصري بالتحرير.
بالإضافة إلى عدد من الجولات الإرشادية بالمتحف المصري للتحرير في إطار المبادرة التي أطلقتها الوزارة لشرح تاريخ عشرين قطعة أثرية مميزة داخل المتحف المصري بالتحرير من خلال المرشدين السياحيين المصريين الذين تطوعوا لعمل هذه الجولات؛ مساهمة منهم في تعريف المواطنين المصريين والأجانب بالحضارة المصرية القديمة والمواقع والمتاحف المصرية أثناء بقائهم في منازلهم ضمن الإجراءات الوقائية.