أكدت النائبة البرلمانية الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، أنه لا بد من التأكيد على أن ما حدث في سنترال رمسيس لا يمكن اختزاله في حريق عرضي أو ماس كهربائي بسيط.
ما حدث هو كشف كامل لخلل تصميمي خطير في بنية الاتصالات. فسنترال رمسيس ليس مجرد نقطة شبكية، بل هو قلب الشبكة، سواء للاتصالات الأرضية أو المحمولة، أو حتى لجزء كبير من بوابات الإنترنت الدولي وخدمات الدفع الإلكتروني. هذه النقطة كانت تدير وتحكم كمية هائلة من الترافيك، تمر من خلالها مكالمات يومية، بيانات البنوك، إشارات الطوارئ، وأوامر المعاملات عبر الإنترنت، ما يجعلها شريانًا حيويًا للبنية الرقمية في الدولة.
اعتماد هذا الكمّ من الخدمات على موقع واحد فقط يمثل خطرًا وجوديًا، ويكشف أن التصميم الشبكي العام قائم على فلسفة “نقطة فشل واحدة” (Single Point of Failure)، وهي فلسفة قديمة وخطيرة، لا تتماشى مع متطلبات الأمن القومي الرقمي الحديث.
ما حدث يجب أن يكون لحظة فاصلة تدفعنا إلى تحول جذري نحو شبكات موزعة جغرافيًا ومرنة هندسيًا.
أضافت في بيان صحفي حصلت منصهة ICTBUSINESS على نسخة منه من الناحية الفنية، لا يجوز الاعتماد على نقطة مركزية واحدة لتحمّل كل هذا الكم من الخدمات. كان يجب منذ البداية وجود نقاط احتياطية كاملة (Disaster Recovery Centers) في مواقع جغرافية مختلفة.
ولا يكفي وجود مركز بديل واحد، بل ينبغي وجود مركزين على الأقل لكل خدمة مصنّفة كحرجة، مثل بوابات الإنترنت، البنية البنكية، وأنظمة الطوارئ.
هذه المراكز يجب أن تكون في حالة تشغيل متزامن فعلي، وليس مجرد نسخ احتياطية خاملة يتم اللجوء إليها عند الكوارث، ويجب أن يكون تشغيلها تلقائيًا بالكامل عند وقوع أي خلل، دون انتظار تدخل بشري.
وهنا نتساءل: لماذا لم يتم تفريغ سنترال رمسيس تدريجيًا من بعض المهام والخدمات الحساسة، ونقلها إلى مواقع أكثر حداثة واستعدادًا، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، التي تتمتع بمزايا كبيرة من حيث البنية التحتية، سواء من حيث الطاقة، أو الكابلات الحديثة، أو المساحات المناسبة لإنشاء مراكز بيانات محمية، أو حتى أنظمة إطفاء حديثة ومعتمدة عالميًا؟
هذه الحادثة يجب ألا تُنسى، بل يجب أن تكون نقطة تحوّل حقيقية نحو إعادة هيكلة شبكة الاتصالات الوطنية بالكامل، بطريقة قائمة على التوزيع الجغرافي، وتكافؤ سعة البدائل، ووجود خطط تشغيل تلقائية فعالة.
تأمين البنية الرقمية في بلد بحجم مصر لم يعد أمرًا تقنيًا فقط، بل هو مسؤولية وطنية وأمن قومي في المقام الأول.
وتابعت : ما حدث يستدعي إطلاق خطة وطنية عاجلة لتحديث وتأمين بنية الاتصالات الحرجة، بمشاركة وزارات الاتصالات، والدفاع، والمالية، وربطها باستراتيجية الدولة للتحول الرقمي وأمنها السيبراني.
إذا كانت الدولة تتحرك بقوة في اتجاه التحول الرقمي ورقمنة الخدمات ضمن رؤية مصر 2030، فإن تأمين الأعمدة التي ترتكز عليها هذه الرؤية أصبح أولوية قصوى، لا تقل أهمية عن تأمين مصادر الطاقة أو المياه.
الخسائر الناتجة عن هذا الانقطاع، سواء في المعاملات البنكية، أو توقف خدمات الدفع، أو تعطل المؤسسات الحيوية، لا يمكن حصرها بسهولة، لكنها تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الاستثمار في المرونة الرقمية أقل تكلفة بكثير من علاج الكوارث.
حماية الاقتصاد الرقمي في طور النمو تبدأ من حماية بنيته الأساسية.
ولا ينبغي أن نُبقي مثل هذه المؤسسات والمباني، التي تقدم الخدمات الرقمية للدولة، معرضة للانهيار بسبب دخان، ماس كهربائي، أو غياب خطة استجابة تلقائية.












