أكد د. نضال أبوزكي، مدير عام مجموعة أورينت بلانيت أن العالم العربي يشهد في الوقت الحالي تقدماً ملحوظاً في تطوير مفهوم المدن الذكية، والتي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي وزيادة قدرة المجتمعات على رفع مستوى جودة الحياة، حيث توفر بيئة متقدمة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز رفاهية المجتمع وجعل الحياة أسهل وأكثر استدامة، عبر تبني تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات لتحسين إدارة الأصول والموارد والخدمات بكفاءة.
وقال د. أبوزكي، خلال ندوة نظمتها “مؤسسة الأهرام” في مقر المؤسسة في القاهرة بعنوان “المدن الذكية في العالم العربي وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية”: “برز مفهوم المدن الذكية لمعالجة التحديات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة الناشئة عن التوسع العمراني، وإيجاد الحلول المبتكرة لمختلف التحديات مثل النقل والصحة والتعليم والبطالة، وتلبية احتياجات السكان وتعزيز الاستدامة على المدى الطويل.”
وأضاف د. أبوزكي: “تتبنى المدن الذكية نهجًا استباقيًا في إدارة الموارد وتحسين البنية التحتية الاقتصادية، وتركز على دمج المعرفة والتكنولوجيا، وتشجع على تحفيز التعليم والبحث العلمي، وتجعل العملية التعليمية أكثر يسراً وسهولة من خلال إتاحة فرص التعلم أمام الجميع باستخدام منصات التعلم عبر الإنترنت، وتقنيات التعليم المدمج، والتعليم القائم على الواقع المعزز والواقع الافتراضي، مما يسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية الصاعدة مثل التكنولوجيا والتحول الرقمي والطاقة المتجددة والابتكار.”
وتابع د. أبوزكي: “يجب أن يمتد توفير الخدمات الذكية في المدن المستقبلية إلى المناطق الريفية، وأن تسهم التكنولوجيا الذكية في تحسين الحياة في الأماكن النائية من خلال توفير جميع الخدمات الرئيسية مثل وسائل النقل العام والرعاية الصحية عن بُعد والتعليم الإلكتروني وأماكن العمل الذكية لتعزيز الاستدامة ونوعية الحياة الشاملة لسكانها.”
وأشار د. أبوزكي إلى أن استشراف مستقبل المدن الذكية في البلدان العربية يمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق تطلعات المجتمعات العربية في تعزيز النمو المعرفي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في مجال التحول إلى المدينة الذكية لاسيما من خلال التركيز على القطاعات المستهدفة لتلبية احتياجات المجتمع فيها، لافتاً إلى أن مدن دبي وأبوظبي ومدينة “ذا لاين” في المملكة العربية السعودية، و”العاصمة الإدارية” في مصر ومدينة الرباط في المغرب تعد أبرز النماذج العربية في الابتكار في تصميم المدن الذكية.
وتحدث د. أبوزكي عن التجربة الواعدة للعاصمة الإدارية في مصر، والتي ستتضمن بنية تحتية عالية المستوى ومنظومة خدمات رقمية تعتمد على أحدث التكنولوجيات المتقدمة، لافتاً إلى أن مصر تقوم بإنشاء عدد من المدن الذكية الأخرى مدعومة ببنية تحتية شاملة، كالعلمين الجديدة ومدينة الجلالة، والمنصورة الجديدة، والتجديدات الرئيسية في مدن أخرى في منطقة الصعيد، وهو ما يعزز البناء المستقبلي لمنظومة المدن الذكية في مصر.
واختتم د. أبوزكي: “من المتوقع أن يزداد عدد السكان في العالم بنسبة 25% ليصل إلى نحو 10 مليار نسمة بحلول العام 2050. ويعيش اليوم 55% من سكان العالم في مناطق حضرية، ومن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى 68% في العام 2050. وستكون المدن في ذلك الوقت محركاً أساسياً من محركات النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن مدن المستقبل هي الأماكن التي سيعيش فيها الناس ويعملون ويبتكرون ويستهلكون فيها كميات ضخمة من الموارد. وستلعب المدن الذكية في حينها دوراً مركزياً في دعم الجهود العالمية نحو إنتاج طاقة نظيفة ومستدامة، وهو ما يتطلب ضرورة تحقيق التوازن المثالي المطلوب بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية عبر تحويل مدن المستقبل إلى مدن ذكية ومستدامة توفر خدمات شاملة ومتكاملة للمجتمع، وتتمتع بأسلوب حياة صديق للبيئة يواكب متطلبات الزيادة السكانية الكبيرة والتحديات التي تفرزها.”
يذكر أن د. نضال أبوزكي أطلق مؤخراً كتابه الجديد بعنوان “المدن الذكية في العالم العربي وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية” والذي يسلط من خلاله الضوء على الارتباط ما بين التكنولوجيا والمجتمع والاقتصاد والبيئة، ويقدم رؤىً حول التحديات التي واجهتها معظم الدول العربية في الانتقال إلى مفهوم المدن الذكية، والجهود التي بذلتها لتطوير بنية تحتية تكنولوجية مرنة ساعدتها في مواكبة التطورات المتسارعة وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير الدولية.