منذ عام 2010 وعلى مدار أكثر من 10 سنوات اندلع نقاش محتدم حول فرضية انقراض أجهزة الحاسب الشخصية في ظل وجود الأجهزة الأخف كالكمبيوتر اللوحي، لكن الفرضية ما لبثت أن انزوت أمام قوة الأرقام التي أكدت تنامي الطلب على الحواسيب الشخصية خاصة في عصر الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والسحابة وهي جميعها تقنيات أصقلت استخدامات الحواسيب وأثبتت أنها أجهزة وجدت لتبقى.
وفقًا لمؤسسة IDC، “استمرت الزيادة في الطلب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية خلال الربع الثاني من عام 2021 على الرغم من النقص العالمي في المكونات والمشكلات اللوجستية. كما وصلت الشحنات العالمية من أجهزة الكمبيوتر التقليدية، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة ومحطات العمل، إلى 83.6 مليون وحدة في الربع الثاني من عام 2021، بزيادة قدرها 13.2٪ عن الربع الثاني من عام 2020.” وبينما ساعدنا جهاز الحاسب الآلي دائماً في التواصل والتعاون، فقد أثبت العام الماضي القيمة التي يجلبها لحياتنا أكثر من أي وقت آخر.
وفي الوقت الحالي، تشهد أجهزة الحاسب الشخصية نهضة، ولا نقول عودة لأن الأمر ليس كذلك، إذ أن العودة تعني مرور أجهزة الحاسب الشخصي بفترة من خمول الطلب وهو ما لم يحدث.
ولكن كيف حدث هذا التطور في مرحلة النهضة ؟ فكر في أجهزة الكمبيوتر التي تعالج نفسها بنفسها لتحافظ على عملك بدلاً من البحث عن المساعدة. فكر في كيفية جعل الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتحليلات والسحابة والاتصال المحسن وإدارة أجهزة الكمبيوتر عن بُعد بمنتهى السهولة. وكيفية عمل الصيانة التنبؤية حيث تصلح المشاكل نفسها قبل أن تظهر. إنه مستقبل لا تلامس فيه تقنية المعلومات جهاز كمبيوتر شخصيًا مرة أخرى؟ هذا إحياء يمكن أن يفيدنا جميعًا.
نمو الطلب على الحواسيب الشخصية في مصر
وفي مصر التي تعد أحد أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط المستهلكة للصناعات الإلكترونية بقيمة تتخطى 100 مليار جنيه، شهد الطلب على سوق أجهزة الكمبيوتر ومستلزماتها (ومن بينها أجهزة الحواسيب الشخصية) نموا بنسبة 15% خلال الربع الثالث من عام 2020، وفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن شعبة الحاسبات الآلية في الغرف التجارية المصرية، وقد جاء الطلب على الحواسيب الشخصية في مصر مدفوعا بتلبية احتياجات العمل والتعلم عن بعد، فضلا عن وممارسة الألعاب الإلكترونية. كما جاء النمو بتحفيز من استراتيجية التحول الرقمي والشمول المالي التي تطبقها الدول المصرية، وثد زادت مبيعات الحواسيب الشخصية على الرغم من التحديات اللوجستية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا.
مع الذكاء الاصطناعي، أصبح الكمبيوتر الشخصي الآن بمثابة الرفيق الشخصي
ومع المتطلبات المتزايدة باستمرار، نحتاج إلى أجهزة كمبيوتر تقوم بأكثر من مجرد العمل. أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاءً وإدراكًا للذات وإدراكًا للمستخدم، مثل وجود مساعد ذكاء اصطناعي AI شخصي على جهاز الكمبيوتر الخاص بك للمساعدة في إدارة عملك وحياتك المنزلية. سيكون تعيين مواعيد التقويم أو تقديم التوصيات مهامًا بسيطة يتم إكمالها في الخلفية. كما ستفيدنا قدرات الذكاء الاصطناعي المستقبلية بطرق لم نتخيلها بعد. سيجعل الذكاء الاصطناعي استخدام الكمبيوتر الشخصي أكثر سلاسة وتخصيصًا وخاليًا من المتاعب. سيؤدي ذلك إلى إعاقة التحديات التقنية الشائعة، مثل الاتصال بالشبكة المحلية أو إعداد طابعة.
إننا نحتاج أيضًا إلى إعادة التفكير في الأمن بطريقة إبداعية. ليس من خلال التصحيحات والتحديثات، ولكن من خلال تقديم أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي للقضاء على البرامج الضارة قبل استقرارها. حيث تتيح طرق العمل الجديدة المزيد من الفرص للثغرات الأمنية، مما يجعل تأمين أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالعاملين أمرًا بالغ الأهمية. ينبغي أن تقدم أجهزة الكمبيوتر أفضل المنتجات والممارسات الأمنية في فئتها لتقليل مخاطر وصول المستخدمين النهائيين إلى الشبكات الداخلية من المنزل. وبالنسبة لي، فإن النهضة في هذا المجال تعني أنني لا أتساءل أبدًا عما إذا كان جهاز الكمبيوتر الخاص بي – أو المعلومات الموجودة عليه – آمنًا.
التعاون والاتصال يسرقان الأضواء
لن تتغير مصطلحات “العمل من أي مكان”، ولكن ستتغير طريقة إظهارها. عندما تصبح أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاءً، فسوف يفهمون متى تريد أن تُرى ومتى لا تريد ذلك. إذا كنت تشارك في مكالمة فيديو ولكنك تشتت انتباهك – فقد تكون مكالمة هاتفية، أو يحتاجك زميلك في المكتب / الشريك / الطفل / الكلب – يمكنك الوثوق بجهاز الكمبيوتر الخاص بك لإيقاف تشغيل الكاميرا حتى تختار إعادة المشاركة. قد توفر أجهزة الكمبيوتر المحمولة أيضًا شاشات قابلة للتكيف بحيث تكون أكثر إنتاجية أينما كنت. فكر في أماكن العمل التي تكون لاسلكية تمامًا ويتم تشغيلها من خلال اكتشاف وجودك، حتى تحافظ على إنتاجيتك أثناء انتقالك من وإلى المكتب. إن التعاون والتواصل الذي يجعلك تشعر وكأنك مع زملائك عندما لا تكون هو المرحلة المقبلة.
في الماضي، كان المدراء التنفيذيون ومندوبو المبيعات يحصلون في كثير من الأحيان على أفضل أجهزة الكمبيوتر المحمول الأكثر أناقة مع المكونات المتطورة. عندما أفكر في نهضة أجهزة الحاسب الشخصية، أتخيل القدرة على تقديم هذه الخبرات “المتميزة” لمزيد من الموظفين. إن الخبرات المميزة هي أكثر من مجرد شكل ومظهر الجهاز، فالقوى العاملة المتطورة تعيد تعريفها بميزات يهتمون بها.
حان وقت النهضة
لقد علمنا أن أجهزة الكمبيوتر الشخصية بعيدة عن الانقراض. إنها بوابة لنا جميعًا للعمل واللعب والتعلم. وبسبب هذه الألفة، يتوقع الناس المزيد من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم الآن أكثر من أي وقت مضى. إن تعزيز أجهزة الكمبيوتر باستخدام تقنيات مثل السحابة والجيل الخامس والذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب ذكية وشخصية ورائعة هو المستقبل، وهذه لحظة النهضة تمنح المؤسسات الفرصة للتوقف وإعادة التفكير في كيفية تحقيق كل هذه الاحتمالات.
بقلم /هايدي نصير، مدير التسويق في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا بشركة دِل تكنولوجيز