التحول الرقمي ليس أمرًا جديدًا. فمنذ 11 عامًا فقط، حدث تحول كبير عندما بدأ الموظفون والطلاب في جلب أجهزتهم الخاصة إلى أماكن العمل والمدرسة – المعروف باسم “أحضر جهازك الخاص أو سياسة استخدام الأجهزة الخاصة” (BYOD)، وعززت تلك السياسة التغيير في عمليات وسياسات تكنولوجيا المعلومات للتعامل مع المستخدمين النهائيين الذين يصلون إلى البيانات بأجهزة لا تملكها المؤسسة أو تؤمنها أو تديرها؛ فقدمت سياسة BYOD مفهوم الإنتاجية بغض النظر عن الموقع.
وفرض العام الماضي ضرورة ملحة للتحول الرقمي بين عشية وضحاها، بسبب الحاجة إلى تمكين المستخدمين من العمل والتعلم عن بُعد. وكان على العديد من المؤسسات القيام بتسريع قدراتها الرقمية لحماية موظفيها وطلابها ومرضاها ومجتمعاتها. وبدلاً من الاضطرار إلى الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو المطاعم أو التسوق خارجًا، وفرت لنا التكنولوجيا فرصة للقيام بكل ذلك دون أن نغادر منازلنا.
وبعد هذه التجربة فإنه يمكننا القول بكل ثقة أن عالم القيام بالعمل من أي مكان سيبقى حتى بعد انتهاء الجائحة، وسوف نواصل رؤية المزيد من الأشخاص يقومون بأعمالهم من أي مكان يكونون فيه. والسؤال الذي يجب طرحه هو: هل المؤسسات مستعدة للبناء على هذه القدرات لتكون جاهزة للإمكانيات الهائلة التي يعد بها المستقبل؟
حان الوقت للمؤسسات لإعادة تقييم العمل عن بُعد وقدرات التعلم، من أجل إنشاء مكان عمل رقمي جاهز لأي شيء ويضمن الإنتاجية من أي مكان باستخدام بنية أساسية آمنة ومتينة. وعلى الرغم من أن موقع العمل أو المدرسة قد يبدو مختلفًا، يجب أن تظل تجربة المستخدم على رأس أولوياتنا. وبالطبع يريد الموظفون والمعلمون والطلاب جميعًا أجهزة أسرع وأكثر أمانًا وأسهل في الاستخدام والوصول إلى الأدوات التي يحتاجونها لإنجاز مهامهم. كما يحتاج قسم تكنولوجيا المعلومات إلى سبل الأتمتة والمرونة لتقديم هذه المتطلبات وتعزيز الابتكار.
إنتاجية مخصصة من أي مكان
يعد إنشاء مكان عمل رقمي يمكّن المستخدمين النهائيين من العمل أو التعلم من أي مكان وتعزيز الإنتاجية والأمان والتخصيص الذي يحتاجون إليه أمرًا حيويًا. وللقيام بذلك، نحتاج إلى تجارب مستخدم مخصصة للوصول إلى إنتاجية سلسة.
وواحدة من أكبر التحديات التي تواجه الإنتاجية، هي التكنولوجيا التي تعمل ضد المستخدم النهائي، حيث قد تكون بطيئة وغير موثوقة، مما يؤدي إلى إحباط المستخدم وتوقفه عن العمل، بدلاً من أن تؤدي تجربة المستخدم الإيجابية إلى زيادة الإنتاجية والمشاركة.
يجب أن نبدأ من تطوير الشخصيات بناءً على كيفية ومكان إنجاز العمل. حيث سيمكن – رسم هذا التصور للأشخاص- مؤسستك من تقديم التجربة المثلى بأقل تكلفة. وفي ظل تواجد عدد قليل جدًا من الأشخاص، ستزيد الموارد التي يمكن أن تتجاوز احتياجات المستخدمين بأبسط المتطلبات. وفي ظل استخدام العدد المناسب من الأشخاص للعمل بمؤسستك، يُمكِنَك توفير النوع المناسب من الأجهزة والملحقات وسبل الاتصال والتطبيقات والبيانات، مما يقدم أفضل تجربة للمستخدم بأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة.
يجب أن يكون مستقبل العمل آمنًا ومرنًا لدعم المستخدمين عن بُعد
يعد تحسين البنية الأساسية للشركة، من خلال توفير قدرة وصول موثوقة وآمنة إلى التطبيقات والبيانات -سواء كانت تعمل محليًا أو عبر الحوسبة السحابية أو في كليهما- أمرًا ضروريًا لدعم المستخدمين الذين يعملون ويتعلمون عن بُعد.
ماذا يمكننا أن نفعل الآن لنساعد أنفسنا في المستقبل؟
سوف يزودنا التحول الرقمي التنظيمي الذي شرعنا فيه اليوم بالمرونة التي نحتاجها للتكيف مع متطلبات المستقبل. سيسمح اعتماد التكنولوجيا وتكييفها للعاملين المتنوعين جغرافيًا بتعزيز الانتاجية باستخدام موارد أقل. وتعمل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بالفعل على تغيير طريقة عملنا بسرعة. كما تحتاج الأعمال للتكيف بسلاسة مع عالم جديد متطور باستمرار.
ومع ذلك، يجب أن نتأكد من أننا نقترب من التغيير بعناية. إذ قد يكون التحول الرقمي معقدًا تقنيًا وصعبًا ماليًا. ولكن لضمان النجاح في هذه المهمة، نحتاج إلى أن نأخذ الأمر بالتدريج من خلال وضع استراتيجية للعمل عن بُعد تتضمن تحديد شخصياتك، والتطبيقات المطلوبة، والأجهزة، والملحقات، والتأمين والنشر والقابلية للإدارة، بما سيعزز أسس النجاح.
وقد رأينا في بداية الوباء، الشركات تتحول رقميًا بسرعة لتمكن موظفيها من العمل من المنزل حتى يستمر العمل، والآن تركز الشركات بشكل أكبر على هذا المبدأ حيث تعمل على إعادة ترتيب أولويات الاستثمارات التقنية في تأمين القوى العاملة عن بُعد، وتعزيز الأدوات التكنولوجية لكي يعمل الموظفون وتزيد انتاجيتهم من المنزل.
وختاماً، ليس لدينا أدنى شك فى أننا بحاجة إلى اعتماد تقنيات قابلة للتكيف السريع؛ لتستوعب طرقًا جديدة للعمل بسلاسة وأمان.
بقلم / هايدي نصير
مدير أول لمجموعة حلول العملاء في “دِل تكنولوجيز” الشرق الأوسط وروسيا وأفريقيا وتركيا