ICTBusiness تتساءل: لماذا لم تتجه “نوكيا” و”فيفو” للتصنيع في المناطق التكنولوجية ؟ …والخبراء يردون ( 1-2)
تحقيق يكتبه : محمد لطفي
تابعت عن قرب مايحدث في الغرف المغلقة بشان اتجاه بعض الشركات العالمية لتصنيع هواتفها التقليدية والذكية في مصر ، فتارة ما تنجح هذه التجارب وتارة ما تفشل ، مؤخرا طالعتنا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بانباء عظيمة بشان اتجاه شركة مثل فيفو والتي تعد في الاصل احدى الشركات التابعة لشركة اوبو العالمية وشركة HMD المالكة للعلامة التجارية لـ نوكيا بالتصنيع في مصر وبنسبة مكون محلي معقول ،ليصبح في مصر 4 علامات تجارية كبرى تصنع في مصر أبرزها سيكو التي يديرها المهندس محمد سالم والذي قاد راية تصنيع الالكترونيات منذ عام 2015 وفقا للتوجهات الرئاسية في ذلك الوقت ، وتبعتها شركة انفنيكس التي بدأت مؤخرا تتجه للتصنيع في مصر داخل مصنع سيكو بأسيوط ، أما فيفو الصينية فقد ذكر بيان وزارة الاتصالات أن مصنعها موجود بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية والذي تم إنشاؤه على مساحة 11 ألف متر مربع، باستثمارات تقدر بنحو 20 مليون دولار تصل إلى 30 مليون خلال عام كما يسهم المصنع فى توفير 1500 فرصة عمل خلال عام، ويستخدم أحدث التقنيات العالمية فى خطوط إنتاج وأجهزة التركيب السطحى والتجميع والمعايرة والاختبار ، وتصل فيه نسبة المكون المحلي إلى 45% .
الحالة الثانية في نوكيا التي حلم الكثير بأن تكون لها مصنعًا في مصر يضاهي مصنعها في شنجن بالصين وجاءت هذه المرة شراكة نوكيا مع شركة اتصال للصناعات المتطورة EAI فى مصر والتي تتخذ من مدينة السادس من أكتوبر مقرًا لمصنعها
وأكد وقتها بيانات وزارة الاتصالات على اهتمام العديد من الشركات العالمية العاملة فى مجال صناعة الإلكترونيات بالتوسع فى استثماراتها بمصر؛ مؤكدًا على حرص الدولة على تنمية هذه الصناعة الهامة تنفيذًا للمبادرة الرئاسية “مصر تُصنع الإلكترونيات” التى تستهدف توطين صناعة الإلكترونيات وجعلها أحد أكبر الدعائم لنمو الاقتصاد المصرى ، واستمر طلعت في تأكيده على حرص الحكومة على تشجيع وتحفيز القطاع الخاص للتصنيع داخل مصانع مصرية لنقل المعرفة والخبرات وتوطين صناعة الإلكترونيات على النحو الذى يسهم فى تنمية هذه الصناعة الهامة وخلق فرص عمل متخصصة للشباب فى مجال تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات؛ مشيرا إلى أن مصر تسير بخطوات وثابة نحو تعميق التصنيع المحلى تنفيذا للمبادرة الرئاسية “مصر تصنع الإلكترونيات” التي تستهدف تعزيز مكانة مصر فى مجال تصميم وصناعة الإلكترونيات.
إلى هنا نبدأ الاسئلة التي تتوارد لأذهان الجميع منذ عام 2015 بدأت سيكو تتجه للتصنيع في احدى المناطق التكنولوجية في صعيد مصر على اساس الحوافز التشجيعية والفرص الاستثمارية الضخمة ، وتبعتهم فيفو ثم نوكيا التي حولت بوصلة استثماراتها للمناطق الصناعية ببعض المحافظات غير ذات الصلة بالمناطق التكنولوجية الأربعة التي استثمرت فيها الحكومة مليارات الجنيهات ولم تأتي بثمارها بعد ، فلماذا لم تفكر “فيفو” و”نوكيا” في التنصنيع داخل المناطق التكنولوجية بمحافظات مصر ؟ وأين وعود المسئولين بالحوافز والفرص الاستثمارية الضخمة التي تتمتع بها هذه المناطق ؟ فحي المعادي التكنولوجي مثلا الذي أُسس وانطلق في السنوات الأولى لوزارة الاتصالات يعج بالمشاكل والتحديات خاصة في تقديرات القيمة الإيجارية مما دفع الكثير من الشركات اما لفسخ عقودها أو الشكاوى المتككررة من القيم الإيجارية بالعملة الأجنبية وإضافة قيمة إيجارية على مساحات مسطحة لا تتبع للشركات .
“وادي التكنولوجيا” حلم لم يرى النور منذ عام 1997
فإذا عدنا بالذاكرة للوراء لقرابة ربع قرن وقت الإعلان عن تأسيس حلم وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية في عام 1997 وقت حكومة الدكتور عاطف عبيد وكان الهدف من المرحلة العاجلة من المشروع أن تهتم بصناعة الإلكترونيات خاصة مع توافر الرمال المصرية في سيناء واستغلال الثروات المصرية في هذا الجانب ، ومابين وادي التكنولوجيا الذي حاول البعض احياؤه إلا أن الفكرة وأدت نهائيا قبل أن تولد ، وتبعها مشروع المناطق التكنولوجية التي تمت في عهد المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق إلا أنها بدأت تدخل حيز التنفيذ وترى النور أبان عهد الوزير الأسبق للاتصالات المهندس ياسر القاضي الذي نجح في اقناع الرئيس عبد الفتاح السيسي أن هذه المناطق ستنجح في تحقيق العدالة الاجتماعية بين محافظات مصر المختلفة وتوصيل التكنولوجيا إلى الجميع فقراء وأغنياء ، حيث تتمثل الـ 4 مناطق التي تخدم عددًا من المحافظات الإقليمية أسيوط وبني سويف في الصعيد، والمنوفية والإسكندرية في الدلتا.
بداية المشوار كانت بالاطلاع خارجيا لمعرفة المزيد من التجارب الناجحة ، فعلي سبيل المثال في كينيا حيث قامت الحكومة الكينية في عام 2016 بتدشين مدينة تكنولوجية خارج نيروبي العاصمة سُميت بمدينة كينزو علي مساحة 20 كم مربع بتكلفة استثمارية 14.5 مليار دولار كجزء من رؤية كينيا 2030 لتنمية الاقتصاد باستخدام تكنولوجيا المعلومات و ذلك لتوطين صناعة التعهيد و مراكز البيانات و تطوير البرمجيات و مراكز مواجهة الكوارث و خدمات الحوسبة السحابية و غيرها ..
https://en.m.wikipedia.org/wiki/Konza_Technology_City
و في تونس دشنت الحكومة التونسية في عام 2014 المدينة الإقتصادية علي مساحة 90 كم مربع و التي تشمل علي مدينة السيليكون و مدينة ثقافية و مدينة لوجيستية و إعلامية و مدينة الرعاية الصحية بتكلفة استثمارية تصل لـ 50 مليار دولار لتوفير أكثر من 250 ألف فرصة عمل و تهدف مدينة السيليكون لتوطين صناعة مراكز البيانات العملاقة و صناعة الإلكترونيات و البرمجيات وغيرها ..
https://youtu.be/dpclPGCiU88
نيجيريا قامت بداية من 2014 بتطوير ما يقرب من 20 تجمع تكنولوجي أو مناطق تكنولوجية بتكلفة استثمارية كبيرة أيضا لتوطين صناعة مراكز البيانات وصناعة البرمجيات
https://techpoint.africa/…/06/list-tech-hubs-across-nigeria/
محمد سالم : لا نصنع لأنفسنا فقط ولكن للآخرين ايضا والسوق الخارجي أكبر من المحلي
وتعقيبا على تساؤلاتنا أكد المهندس محمد سالم، رئيس شركة سيسكو صاحبة العلامة التجارية لأول هاتف محمول مُصنع في مصر على ضرورة وضع أُطر تنظيمية لهذه الصناعة الواعدة خاصة بعد أن قادت سيكو مبادرة تصنيع الإلكترونيات منذ بضع سنوات وقامت بتأسيس مصنعا لها في محافظة أسيوط من خلال المنطقة التكنولوجية بمحافظة أسيوط وبلغت استثمارات الشركة وقتها أكثر من 500 مليون جنيه مصري ، مؤكدا ايضا بضرورة ضم صناعة الهواتف المحمولة لبرنامج دعم الصادرات ورد 5% رسوم التنمية عند التصدير خاصة وأن النسبة الغالبة من إنتاج مصنع سيكو لعلامتها التجارية موجهه للخارج .
وأوضح سالم ،أن سيكو لا تُصنع فقط لعلامتها التجارية بل تصنع أيضا لعلامات تجارية أخرى وبذلك يتجاوز الإنتاج المحلي التصدير للعلامات التجارية كلها ، وشدد ايضا على ضرورة حساب نسب التصنيع بصورة واضحة وعادلة وفقا لقانون رقم 549 لعام 2020 والذي اقره الرئيس عبد الفتاح السيسي والخاص بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية ، مشيرا أن الشركة والمصنع والذي يتخذ من المنطقة التكنولوجية بأسيوط مقرا له لا يتمتع بأي حوافز تشجيعية منذ اليوم الأول لعمل المصنع .
وأعرب عن فخره بكون “سيكو” تعد نواة حقيقية لصناعة الإلكترونيات المتخصصة في مجال الهواتف المحمولة والذكية ،وعن نسب التصنيع للمكون المحلي في مصر قال إنها تتراوح مابين 43- 48% .
أبو عوف: اختيارنا لمدينة السادس من أكتوبر لهذه الأسباب …وباكورة انتاجنا ..أكتوبر المقبل
وأكد أحمد ابو عوف الشريك والعضو المنتدب لشركة اتصال للصناعات المتطورة EAI أن اختيار مدينة السادس من اكتوبر له عدة مزايا انه كان الاختيار الافضل امام الشركة والمستثمرين كما انه قريب جدا من حيز الادارة في القاهرة ويعمل على تسهيل الاتصال والتواصل بين الشركة والعاملين فيها .
وتابع ان استثمارات الشركة في المصنع تص الى 500 مليون جنيه ومقام على مساحة 7 الاف متر مربع باجمالي 25 الف متر مربع مباني ومن المخطط ان يستوعب الف عامل خلال عامة الاولمن بدء التشغيل والانتاج الفعلي الذي سيتم في اكتوبر المقبل .
ومن جانب آخر ، قال طه مجدي مدير مبيعات انفينكس مصر لقد جاء قرارنا لتصنيع الهواتف الذكية في مصر – وكنا أول شركة أجنبية تتخذ هذا القرار في عام 2020 ايماناً منا بأهمية السوق المصرية- وموقع مصر المحوري في إفريقيا ، فكنا سباقين في الفكر مع بداية أزمة كورونا وقبل كافة الأزمات التي تلت ذلك فنحن نرى في مصر سوق واعد والحكومة المصرية لديها خطة طموحة لتوطين صناعة الإلكترونيات وخصوصا الهواتف الذكية ولكن ينقصها بعض الحوافز الاستثمارية قد يكون ذلك نتيجة أنها صناعة جديدة على السوق المصرية ولكن أعتقد أن الحكومة ستلتفت لذلك قريبا مع اتجاه شركات أخرى للتصنيع في مصر، وحتى تستطيع تلك المنتجات المنافسة في الأسواق المجاورة.
أضاف اتفاقنا مع سيكو هو اتفاق تعاون وشراكة استراتيجية نقوم بموجبة باستغلال المصنع وكامل العمالة الموجودة به ، وقمنا بتجهيز المصنع بالماكينات وخطوط الانتاج الخاصة بانفينكس وتدريب العمالة من خلال مهندسي انفينكس للعمل على حطوط إنتاجنا وتم الإنتاج بالفعل ، وبعد إنتهاء تجهيزات المصنع تم إطلاق عدد من الشحنات التجريبية في عام 2020 و 2021 تقدر بحوالي 50 ألف جهازوتم طرحها بالسوق المصرية وجميعها تحمل شعار صنع في مصر.
وأوضح أن تكاليف الإنتاج متقاربة جداً بين مصر والصين هذا بجانب تكلفة الشحن الجوي للمنتجات لأن الهاتف الذكي هو سلعة سريعة البوار وبالتالي لا يصلح معه الشحن البحري الذي يستغرق شهور ، لذلك حتى الأن لم تتحقق المعادلة الصعبة في تقليل تكاليف الانتاج ولكن نأمل أن تساعد الحكومة المُصنعين من خلال إعطاء حوافز استثمارية (ضريبية وجمركية) لصانعي الهواتف الذكية.
أسماء حسني: الشركات تبحث عن الحوافز والفرص ..والمناطق التكنولوجية أصبحت طاردة للمستثمرين
وتلتقط طرف الحديث أسماء حسني، الرئيس الأسبق لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وتؤكد أن الشركات دائما ما تبحث عن الحوافز والفرص الاستثمارية مثل شركة سيكو التي كان مخططا لها أن يكون لها حصة معقولة من المشروعات الحكومية مثل التابلت التعليمي وغيرها إلا أن هذا لم يتم بعد ، وتابعت أن سامسونج مثل “فيفو” و”نوكيا” دشنت مصنعها منذ سنوات كثيرة في محافظة بني سويف .
وأوضحت أن المناطق التكنولوجية أصبحت طاردة للمستثمرين بسبب الحوافز التشجيعية حتى بعض القطاعات الحكومية مثل الهيئة القومية للبريد التي غادرت المنطقة التكنولوجية ببرج العرب وايضا الأكاديمية العربية للنقل البحري غادرت هي الأخرى برج العرب .
ومن جانبه أوضح أحمد السبكي، الرئيس السابق لشركة واحات السيليكون والنائب السابق للرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا” أن الفترة الماضية شهدت تغييرا في الرؤية السياسية الخاصة بالمناطق التكنولوجية حيث كان من المخطط ان يكون هناك اثنان من المجمعات الصناعية في مدينة السادات وبني سويف متخصصة لصناعة الإلكترونيات بهدف توفير البنية والبيئة اللازم للمستثمرين إلا أنه مع التغييرات التي تمت في وزارة الاتصالات أصبح هناك أولويات في هذا الشان وحينما تغيرت الررؤية الخاصة بوزارة الاتصالات لم يتم تدشين هذين المجمعين الصناعيين وبالتالي بدأت الشركات مثل “فيفو” و”نوكيا” تبحث عن الأماكن الجاهزة والمتاحة أمامها .
أحمد السبكي: رؤية وزارة الاتصالات تغيرت ..ولكن
وأكد أن نسبة الاشغال في المنطقة التكنولوجية ببرج العرب وقت شغله للمنصب بلغت 52% بينما اليوم تقارب 15% على حد تقديره .