بعد خمس سنوات من المناقشات والمفاوضات وافق أعضاء الاتحاد الدولي للاتصالات على مواصفة تقييسية جديدة للاتحاد يتناول العلاقة بين مشغلي شبكات الاتصالات ومقدمي تطبيقات بث المحتوى الرقمي والسمعي والبصري عبر شبكة الإنترنت (OTT). ولقد قاد مجموعة العمل المقررة المعنية بهذا الموضوع أحمد سعيد، مدير إدارة الشؤون الاقتصادية بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ونائب رئيس لجنة الدراسات 3.
تقدم المواصفة التقييسية الجديدة (ITU-T D.262) محددات تحليل حركة النشاط الاقتصادي الجديد للنظام الخاص بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكيف يمكن للأطر السياسية والتنظيمية أن تدعم المنافسة وحماية المستهلك والفوائد التي يحصل عليها وتعزز الابتكار الديناميكي والاستثمار المستدام وتعمل على تطوير البنية التحتية والنفاذ الى الخدمات والقدرة على تحمل التكاليف فيما يتعلق بالنمو العالمي لخدمات وتطبيقات المحتوى الرقمي (OTT).
تأتي موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد على هذه المواصفة التقييسية الجديدة بعد اعتماد تلك الدول لقرار جديد يحدد نطاق أنشطة الاتحاد المتعلقة بخدمات المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTTs) الصادر في مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات 2018 والذي عُقد في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة حيث أكد القرار على أن التعاون المتبادل بين مشغلي تطبيقات و خدمات المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTTs) يمكن أن يحقق فوائد اجتماعية اقتصادية كبرى، كما شدد على ضرورة مناقشة الآثار الاقتصادية المترتبة على تطبيقات المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) وقضايا السياسات ذات الصلة.
ولقد أعادت نماذج أعمال تطبيقات المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) صياغة النظام البيئي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث خلقت الابتكارات الاستثنائية التي قدمتها شركات مثل جوجل ووي شات ولاين وسكايب وفيسبوك وواتساب تجارب أكثر تفاعلية وغنية بالوسائط المتعددة. غير أن بعض خدمات بث المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) تعد بدائل مباشرة لخدمات الاتصالات مما يقلل من العائد الذي يحصل عليه مشغلو الشبكات على استثماراتهم في البنية التحتية للشبكة. الأمر الذي أثار جدلًا كبيرا حول ما إذا كانت استدامة هذا الاستثمار مهددة بالاضمحلال.
تصف المواصفة التقيسيية الجديدة للاتحاد (ITU D.262) “الإطار التعاوني لخدمات بث المحتوى (OTTs)” الترابط بين تلك الخدمات والتطبيقات والأعمال التجارية في قطاع الاتصالات. حيث يمثل هذا القرار اعترافًا من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد بأن التواجد والتعايش بين خدمات بث المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) وخدمات الاتصالات ومساهماتها التكميلية في الابتكار والاستثمار سيكون أمرًا أساسيًا في تقدم النظام البيئي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وأعرب سيشي سواجوا، رئيس لجنة الدراسات 3 بقطاع تقييس الاتصالات بالاتحاد، وهو فريق الخبراء المعني بالشؤون الاقتصادية والتجارية، عن سعادته بهذا الإنجاز الجديد حيث قال: “أود أن أثني على أعضاء الاتحاد المشاركين في إصدار هذه المواصفة التقييسية الجديدة نظرًا لما لمسناه من تعاون بناء بينهم حيث تمثل هذه المواصفة التقييسية مساهمة وإنجاز هام أثمرته جهود لجنة الدراسات 3 لقطاع تقييس الاتصالات بهدف تعزيز العلاقات بين التكنولوجيا والأعمال التجارية والسياسات المنظمة”.
تقدم المواصفة التقييسية الجديدة تعريفا لخدمات بث المحتوى عبر شبكة الانترنت (OTT) حيث ينص على أن “تطبيقات بث المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) هي تطبيقات يمكن النفاذ إليها وتقديمها عبر شبكة الإنترنت والتي قد تكون بديلا فنيا / وظيفيا مباشرا لخدمات الاتصالات الدولية التقليدية. ومع ذلك، تم لفت الانتباه إلى أن “تعريف تطبيقات وخدمات بث المحتوى الرقمي عبر شبكة الانترنت (OTT) هو مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية الأمر الذي يجعله يختلف باختلاف الدول الأعضاء”.
وأكد أحمد سعيد، مدير إدارة الشؤون الاقتصادية بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومقرر ونائب رئيس لجنة الدراسات 3 المعنية بتطوير المواصفة التقييسية لتطبيقات بث المحتوى الرقمي (OTT) على أن تعريف تلك التطبيقات المدرج في هذه المواصفة التقييسية هو أول تعريف من نوعه في العالم يصدر عن منظمة عالمية كما ذكر أن هذه المواصفة التقييسية الجديدة تمثل نقطة انطلاق مهمة نحو تطوير السياسات والأطر التنظيمية التي تتيح منافسة عادلة بين مشغلي الشبكات ومقدمي خدمات بث المحتوى الرقمي (OTT) وكذلك نقطة بداية لمناقشة العلاقة بين تلك الخدمات الجديدة والأعمال التجارية لخدمات الاتصالات وكيف يمكن أن تثمر عل علاقة تعاون قائمة على المنفعة المتبدلة. ولقد تم التأكيد في هذه المواصفة التقييسية الجديدة على أن الاستثمار في البنية التحتية للشبكة قد أعطى الأسس اللازمة لصعود خدمات بث المحتوى الرقمي (OTT) وعلى العكس من ذلك، فإن الطلب على تلك الخدمات قد حفز الطلب على الخدمات التي توفرها البنية التحتية للشبكة.
إن هذا الإقرار بالترابط القائم بين خدمات وتطبيقات بث المحتوى الرقمي (OTT) وخدمات الاتصالات سيعزز عمل الدول الأعضاء في الاتحاد الرامي لدعم الابتكار والمنافسة العادلة والاستثمار المستدام في البنية التحتية للشبكات وبالتالي ستشجع هذه المواصفة التقييسية الجديدة تلك الدول على تقييم التأثيرات الاقتصادية والسياسية لخدمات وتطبيقات بث المحتوى الرقمي (OTT) وكيف أنها ستحقق الرفاهية للمستهلك في جميع المجالات الحساسة ذات الصلة بما في ذلك الأطر التنظيمية والحوافز الاقتصادية الحالية فيما يتعلق بتوفير تلك الخدمات واستخدامها.
علاوة على ذلك، ألقت هذه المواصفة التقييسية الجديدة الضوء على أن الدول الأعضاء في الاتحاد عند دراستها لسياسات المنافسة، خاصة تلك المتعلقة بتحديد وتعريف الأسواق ذات الصلة، ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الأساسية بين خدمات بث المحتوى الرقمي (OTT) والأعمال التجارية المرتبطة بالاتصالات فيما يتعلق بالشؤون التنظيمية والمعوقات التي تحول دخول مشغلين جدد إلى السوق وقابلية إحلال هذه الخدمات الجديدة محل خدمات الاتصالات. كما أنه يشجع الدول الأعضاء في الاتحاد على النظر في وضع سياسات تمكينية أو أطر تنظيمية لدعم التنافس العادل بين مشغلي الشبكات ومقدمي خدمات بث المحتوى الرقمي (OTT) وكذلك فحص مدى امكانية تخفيف العبء التنظيمي على الشبكات التقليدية وخدمات الاتصالات.